TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كيف تُطهّر الأجهزة الأمنية؟

كيف تُطهّر الأجهزة الأمنية؟

نشر في: 18 سبتمبر, 2015: 09:01 م

يبدو أن البعض من المسؤولين في الدولة يحتاج إلى أن تشهد بغداد يومياً تفجيرات إرهابية لكي يُدرك الحاجة الملحّة للغاية إلى تطهير الأجهزة الأمنية من العناصر الفاسدة وغير الكفوءة لضمان قيام هذه الأجهزة بواجبها في وضع حدّ لهذه التفجيرات القاتلة والمدمرة، ولسائر مظاهر الانفلات الأمني التي يعكسها استمرار أعمال خرق القانون من جانب الميليشيات وعصابات الجريمة المنظمة.
أول من أمس، الخميس، وقع تفجيران في قلب العاصمة بغداد، فكان ذلك حافزاً لعضو مجلس النواب قاسم الأعرجي، وهو رئيس كتلة بدر وعضو لجنة الأمن والدفاع في المجلس، لأن يدعو إلى البدء بحملة حكومية واسعة لتطهير الأجهزة الأمنية من العناصر غير النزيهة وغير الكفوءة، مؤكداً في بيان أهمية وضع عناصر أمنية مدرّبة قادرة على حماية المواطنين خصوصاً في المناطق الحيوية من العاصمة.
الحاجة الى تطهير الأجهزة الأمنية وسائر أجهزة المؤسسة العسكرية من العناصر الفاسدة وتلك التي لا تتوفر فيها شروط الكفاءة والمهنية والوطنية، كانت قائمة منذ سنوات عدة، وأصبحت استحقاقاً وطنياً لا يحتمل أي تأجيل منذ وقوع كارثة احتلال مدينة الموصل وبعدها ثلث مساحة البلاد في أيدي داعش... فضحت تلك الكارثة على نحو صارخ أن المؤسسة العسكرية والأمنية لم تُبنَ على الأسس الصحيحة في عهد الحكومة السابقة والحكومة الأسبق، فالمعايير التي اعتمدت في تشكيل القيادات العسكرية والأمنية كانت بعيدة تماماً عن الشروط الواجب توفرها، وهي الكفاءة والخبرة والمهنية والنزاهة والوطنية.. أنيط الكثير من القيادات بعناصر فاسدة، معظمها من فلول النظام السابق، كانت بارعة فقط في إظهار الولاء الشخصي للحاكم بالطريقة التي كانت عليها الأمور في عهد صدام، فيما حيل دون وصول عناصر وطنية ذات خبرة وسمعة مهنية مرموقة إلى مفاصل المسؤولية.
لم يقتصر ذلك على المؤسسة العسكرية والأمنية. الدولة كلها أديرت بالطريقة نفسها.. الغالبية العظمى من المسؤولين التنفيذيين في الوزارات والدوائر الأخرى أُسندت إليهم مناصبهم على وفق متطلبات المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية، وكان أن أوكلت معظم الأحزاب والكتل حصصها من تلك المناصب والوظائف إلى عناصر عديمة الخبرة والكفاءة وغير نزيهة، معظمهم من المتملقين والمتزلفين ومزوري الشهادات والوثائق. وتميّزت بهذا على نحو خاص الأحزاب الإسلامية، الشيعية والسنية سواء بسواء، وهذا ما كان في أساس تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة جميعاً، وبينها وعلى رأسها المؤسسات الأمنية والعسكرية.
هذي الحال قائمة حتى اليوم ولم تجر أية معالجة حقيقية لها، ولن تجري مثل هذه المعالجة مادامت الأحزاب والكتل المتنفذة في السلطة، وهي إسلامية في معظمها، لا ترغب في عملية إصلاح حقيقي وجذري يتناول العملية السياسية والأسس التي قامت عليها وبخاصة نظام المحاصصة، فحزمة الإصلاحات التي تقدّمت بها الحكومة وسعى مجلس النواب الى مجاراتها بحزمة مثيلة، قبل أكثر من شهر، تواجه مقاومة شرسة من كل القوى المتنفذة في السلطة، بما فيها الكتلة التي ينضوي تحت لوائها حزب السيد الأعرجي. ومتى ما توقفت هذه المقاومة سيمكن تطهير الأجهزة الأمنية وسائر أجهزة الدولة من العناصر الفاسدة وغير الكفوءة على النحو الذي طالب به النائب الأعرجي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram