لست على خلاف مع أحد في مجلس محافظة البصرة، أنا لي وجهة نظر خاصة، بل يائسة بكامل العملية السياسية في البصرة والعراق، لكني اعتقد جازماً بأن نائب رئيس المجلس ، الشيخ أحمد السليطي لم يكن ليسأل المحافظ الدكتور ماجد النصراوي الـ 63 سؤالاً من أجل مصلحة مدينة البصرة، أبداًً، إنما الأداء السياسي في العراق هو الذي ينتج مثل هكذا ممارسات، هو الذي يضع الأسئلة وهو الذي يُجيب .
منذ أن تشكلت الحكومة المحلية في البصرة كانت لنا وجهة نظر تؤكد وتقول بان المدينة لن تنتفع من صعود هذه التشكيلة، لا لأنها غير قادرة على فعل شيء، إنما لأنها متباينة الأفكار والرؤى والتوجهات، فهي وكما يعلم الجميع تنقسم إلى فريقين قويين، متكافئين في العدد تقريباً، يحاول كل فريق أن يجمع العدد الأكبر من أجل الوقوف القوي أمام الفريق الثاني. وهكذا وعلى مدى السنتين لم تتقدم العملية السياسية في البصرة خطوة واحدة تصب في مصلحة سكانها. فقد ظلت أبسط مشاريع الخدمات معطلة وتوقفت عجلة النمو اكثر وأكثر فضلاً عن مشاكل أخرى في الصحة والتعليم والكهرباء والماء والزراعة ...الخ.
الشيخ السليطي وفريقه المعترض على أداء المحافظ لا يختلف عن أي فريق في البرلمان او في مجالس المحافظات الأخرى، ممن يعترضون على أداء غرمائهم، فقد شهدنا خلال الشهرين الماضيين انحرافاً واضحاً في مسار السياسة في محافظات الوسط والجنوب، وتصاعدت وتائر الخلاف بين الفرقاء أكثر، فهذا يهاجم وذاك يدافع مرعوبين من حركة الشارع الرافضة أو كتعبير عن استجابات كاذبة ومخادعة لما يعتمل في الشعور الناقم على مجمل الأداء !
تناغم بعضُ السياسيين مع الشارع المضطرب وراحوا يؤيدون بصمت وخفاء طموحات وطروحات المتظاهرين فأنتجت لنا عمليات تخوين من نوع خاص واعتراضات ومطالبات بتنحية محافظين او رؤساء مجالس، ولأن شارعنا لم يكن ليتجاوز حدود اللياقة لولا نقمته على أداء هؤلاء فقد أنتج لنا متظاهرين مربكين حقاً، وهكذا رحنا نشاهد على شاشات التلفاز ونقرأ في اليافطات المرفوعة ما تشمئز له الأنفس من ألفاظ، ونسمع هتافات بما لا يُليق بسياسي ولا مواطن عادي سماعه. تُرى هل تمكن الشيخ السليطي من تقويم أداء المحافظ بأسئلته الأربعين؟ وهل سيُرضي بذلك طموح الشارع المضطرب أم هناك غاية أخرى؟!
أعتقد جازماً بأننا لو سألنا أيَّ سياسي عراقي، أياً كان موقعه في بغداد أو البصرة أو أية مدينة أخرى عن ما إذا كان راضياً عن وجوده في منصبه أم لا، وهل تمكن من تقديم ما يمكنه لمواطنيه؟ لقال لنا وبالحرف الواحد : لا، لا كبيرة بحجم الخراب الذي يمتد عميقاً في مفاصل وجودنا أجمعين. تُرى، أين الخلل، ولماذا لم يتقدم أداء السياسي العراقي خطوة بعد أكثر من 12 سنة على التغيير؟
كنا سنصفق للشيخ السليطي ولأي عضو في البرلمان او لأي عضو في مجلس من مجالس محافظاتنا لو انه وقف وقدّم لنا الاسئلة الكبرى عن سبب خرابنا العام، لو أنه تمكن من طرح وجهة نظر وآلية حقيقية تسهم في انتشالنا مما نحن فيه، ووصلنا اليه. على مدى السنوات الخاسرة كلها لم نجد سياسيا عراقيا واحدا استطاع ان يسأل السؤال التقليدي الذي يقول: هل نجحنا في سياستنا ؟ طبعا، لن يجرؤ سياسيٌّ واحدٌ على السؤال هذا، ولن يُجيبه أحدٌ بنعم أو لا !! لكن الشعب يمتلك الاجابة الكافية، بكل تأكيد؟
الشيخ السليطي والأسئلة الأربعون
[post-views]
نشر في: 19 سبتمبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...