منذ خضوعه لسيطرة تنظيم داعش قبل الرمادي مركز محافظة الأنبار حتى أصبح قضاء الفلوجة خارج التغطية ، المعلومات الواردة من المدينة تكاد تكون شحيحة ، باستثناء ما تعلنه احيانا جهات امنية تتناول قصف مواقع وتجمعات عناصر تنظيم داعش في احياء متفرقة ، أما اوضاع الاهالي ، كيف يحصلون على الخدمات الاساسية ، اسلوب معيشتهم تحت سلطة الدواعش ،فلا احد يعرف عنها شيئا ، من خرج من القضاء انضم الى آلاف النازحين ، يراوده امل العودة في اقرب وقت ، لكن الآمال بعيدة المنال ، في ظل مجريات العمليات العسكرية ، حتى الآن لم تستطع قيادة قوات بغداد من تحرير كامل قضاء الكرمة ليكون قاعدة انطلاق لتطهير الفلوجة .
قبل أيام وصل الى بغداد رب أسرة قادما من الفلوجة مع زوجته وبناته الشابات الثلاث ، اضطر الى ترك منزله بكل أثاثه ، دفع مبلغ خمسة آلاف دولار مقابل حصوله على تصريح للوصول إلى أبو غريب ومنه الى حي الدورة ، الرجل قرر المغادرة ، وكان سعيد الحظ حين أبدى شخص مساعدته ونقله بسيارته الخاصة مجانا ، متجاوزا جميع سيطرات عناصر داعش، اكتفوا بقراءة التصريح الموقع بختم الوالي ثم السماح للأسرة بالخروج .
رب الأسرة تاجر مواد إنشائية ، بارت تجارته منذ اعوام ، فلا بناء ولا إنشاء في الفلوجة ، قرر الرحيل بأي ثمن حين وصلته معلومات بإدراج أسماء بناته ضمن قائمة الفتيات المرشحات لجهاد النكاح ، بأمر من الوالي للتخفيف من معاناة المجاهدين ، رب الاسرة كغيره من اهالي الفلوجة لاخيار لديه سوى مغادرة المدينة ليسرد مشهدا واحدا من تراجيديا عراقية متعددة الفصول ، لا تحتمل في الوقت الحاضر إسدال الستار على مشهدها الختامي .
ممثلو محافظة الانبار في السلطتين التشريعية والتنفيذية فضلا عن القوى التي تزعم انها تمثل المكون السني ، المنشغلة منذ يوم مشاركتها في العملية السياسية بقضايا بعيدة جدا عن قواعدها الشعبية لم تحرك ساكنا في الدفاع عن مدنها ، بذلت جهودا كبيرة لتحقيق نظرية التوازن ، وتجاهلت انتهاكات داعش في المحافظات العراقية ذات الاغلبية السنية ، في كل يوم يكشف النازحون عن حجم معاناتهم بتقارير شبه يومية تبثها فضائيات عربية ومحلية ، الجميع يسأل عن موعد العودة ، تكرار الاسئلة جعل الاسر النازحة يتجرعون المرارة فهم اصبحوا خارج التغطية ، وسؤال متى تهتز الشوارب ، أجلت الإجابة عنه الى إشعار آخر .
خروج اهالي الفلوجة من القضاء اصبح مغامرة محفوفة بمخاطر تكاد تقترب من صورة مأساة عبور المهاجرين البحر بزورق مطاطي من السواحل التركية الى اليونانية بحثا عن ملاذ آمن في دول اوروبية بعضها أبدى استعداده لاستقبال الهاربين من مناطق النزاعات المسلحة ، رب الاسرة الهارب من الفلوجة مع بناته الثلاث ربما امتلك أفضلية لمنحه اللجوء الإنساني في دولة خارجية لخيبته من أداء من يمثله في البرلمان والحكومة.
الفلوجة خارج" التغطية"
[post-views]
نشر في: 19 سبتمبر, 2015: 09:01 م