ظل ملايين المسلمين يحاولون رجم الشيطان في مكة، لكنهم في الواقع كانوا يرجمون بعضهم. وفي كل مواسم الحج كنا نسمع اخبار الاحتكاكات والمنازعات، غير ان الموسم الاخير الزاخر بالحوادث وموت مئات الحجيج، راح يعكس اقصى شحنات الكراهية المتبادلة بين الطوائف، بحيث ان كثيرا من الناس سيعتبرون الحج رحلة محفوفة بالخطر من الان فصاعدا، لا خوفا من التدافع وسقوط الرافعات، بل لان مكة عبر التاريخ، لم تشهد تواجد ملايين المسلمين الذين يكرهون بعضهم بالمستوى الحاصل اليوم.
"لقد رجموا كل شيء الا الشيطان"، كما ينقل لي صديق حضر الحج. فقد كان كثير من السنة يرجمون وهم يتلفظون بشتائم لبشار الاسد وايران. وكان كثير من الشيعة يشتمون ويرجمون ملوك العرب وامراء الخليج. وحين تتورط بدخول تويتر وفيسبوك، تشعر ان مليار مسلم ينتجون كمية كراهية كافية لاحراق خمسة كواكب، بينما يتحدث السيد ابراهيم الجعفري امام الامم المتحدة عن ضرورات "حماية كوكب الارض"، ويكتب في موقع تيار الاصلاح خاطرته عن نيويورك، حيث كان مع اربعين سفيرا على متن سفينة جالت بهم الشاطئ بين مانهاتن ونيوجرسي وجعلته يصف المدينة بانها "النطح السحابي.. المتآلف في النسق الجواري".
لقد قدم المسلمون تضحيات كبيرة وسالت دماؤهم انهارا، وهم يحاولون ان يثبتوا "مذهب الله"، وما اذا كان الرب سنيا ام شيعيا؟ اما اليوم فانهم يعثرون على زاوية خلاف جديدة، في محاولة لاثبات "هوية الشيطان". هل هو عربي سني، ام فارسي، او من اللاذقية؟ ولم ينتصر طرف على اخر، لان حل النزاع يتطلب ان تنزل بساطيل ثقيلة على الارض. لم تنجح الجيوش الصغيرة والكتائب والفصائل، في حسم "هويات الالهة والشياطين". وها هو التاريخ يستدعي الاميركان ثانية، ثم يستدعي روسيا لاول مرة بهذه الدراماتيكية.
الان اصبحت روسيا واميركا جزءا من لعبة الالهة والشياطين. ويفترض ان الشيعة يرون "شيطانهم الاكبر" في اميركا. ثم بات على السنة ان يخلعوا هذا اللقب على "شياطين موسكو" الذي كان ونستون تشرتشل يصفهم بانهم "لغز مخبوء في احجية".
وهذه مجرد بداية للورطة، لاننا قررنا رجم بعضنا وقمنا بتحريم الحوار الداخلي في الشرق الاوسط. ورحنا نستعين بالشياطين الكبار، ثم وجدنا خارطة مرتبكة في عالم الابالسة. فالرياض "زعلت" لان ايران صارت صديقا لاميركا، وذهب ساستها الى موسكو والصين للبحث عن حليف بديل! لكن ايران في الوقت نفسه تعزز تحالفها مع موسكو في اللاذقية وبغداد، ضد واشنطن! ويبدأ النقاد بالتعليق على سيناريو جديد: اميركا لحماية السنة، وروسيا لحماية الشيعة. حرب لا هي حارة ولا هي باردة، بل حادة كسكين داعش، وخارطة تحالفاتها تتموه وتتموج وتناور وتماطل، والحدود تتعرض للمحو والاثبات ثم المحو في لحظات. ولانها خارطة شياطين محيرة، فان ساستنا يئسوا من تحرير بيجي وذهبوا الى الامم المتحدة مطالبين ب"حماية الكوكب.
شياطين روس واميركان
[post-views]
نشر في: 28 سبتمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عبدالحسين العبوسي
هذه هي الحقيق فعلا بعدما تجذرت الجريمه بين العرب وبلدان الاسلام تحت كلمة لا اله الا الله وتحت كلمة وعبارة التكبير والكل يقتل الكل من حيث لا ندري اننا نقتل انفسنا باموالنا لكن بسلاح الاجنبي وعلى لاشي اي ان الهدف واهن لكنه لمصلحة الاجنبي في الاول والاخر وم
عبدالحسين العبوسي
هذه هي الحقيق فعلا بعدما تجذرت الجريمه بين العرب وبلدان الاسلام تحت كلمة لا اله الا الله وتحت كلمة وعبارة التكبير والكل يقتل الكل من حيث لا ندري اننا نقتل انفسنا باموالنا لكن بسلاح الاجنبي وعلى لاشي اي ان الهدف واهن لكنه لمصلحة الاجنبي في الاول والاخر وم