وديع غزوان احد ابرز مؤشرات الديمقراطية والسير على وفق مبادئها حرية التعبير والإعلام وقبول الآخر واحترام رأيه بل الأخذ به اذا ما كان يخدم الصالح العام بغض النظر عن مدى انسجام وتوافق هذا الطرف مع صاحب السلطة الممسك بمقاليد الأمور.
وبقيت مفاهيم الديمقراطية على مر العصور، ورغم شعاراتها التي تنافست عليها أحزاب اليمين واليسار, عرضة للمساومة في سوق السياسة البغيض حد الالتفاف والتسويف والتشويه حتى انها لم تتعد في بلدان غير قليلة تزيين ديباجات دساتيرها وبرامج الأحزاب لتغطي النزعة الحقيقية للنظام الحاكم المرتكزة على التسلط والاستبداد .وبعد نيسان 2003ونتائجها عاش العراق أوضاعاً استثنائية وجديدة استغلتها ومع الأسف قوى سياسية اتخذت من الديمقراطية دثاراً لستر عوراتها وتحقيق مآربها الضيقة بعيداً عن مصلحة الوطن . . في إقليم كردستان كان الوضع مختلفاً نسبياً حيث انه ومنذ 1991بدأ يرتب أوضاعه ويبني تجربته على وفق ما تسمح به الظروف الدولية والإقليمية فكان اكثر استعداداً من غيره من محافظات العراق الأخرى على امتصاص (الصدمة) بعد 2003فتجنبت مدنه تلك الاختلالات التي عاشتها محافظات العراق الأخرى.. لكنه من جانب اخر كان عليه ان يتعامل مع ما حدث بمنظور اخر خاصة في مجال الخيار الديمقراطي خاصة وان المجتمع الكردستاني قد شهد انفتاحاً كبيراً على العالم ضاعف من حجم هذه المسؤولية في الإقليم .وكان على الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، اللذين اضطلعا بدور كبير ومشهود في المكاسب التي تحققت ان يؤكدا وبالملموس إيمانهما بالعملية الديمقراطية وتطويرها من جهة والحرص على التجربة التي تحققت من جهة أخرى فعملا لتأكيد التحالف الستراتيجي بينهما في نفس الوقت الذي عملا فيه على توسيع دور الأحزاب والقوى السياسية الأخرى في المجتمع وترسيخ مفهوم حرية الرأي وتشريع القوانين التي تكفل تحقيق ذلك ومتابعة عملية تطبيقها.وكانت الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت في تموز من العام الماضي خير دليل على ذلك رغم ما صاحب الحملات الدعائية من ممارسات خاطئة لبعض المشاركين فيها.ولسنا ندعي هنا ان التجربة الديمقراطية في كردستان مستوفية كل شروطها لكنها وبالمعايير الدولية وبشهادة منظمات أممية تسير بالاتجاه الصحيح، وهذا يتطلب وعياً من القوى والأحزاب المعارضة لهذه الحقيقة لتمارس دورها في تعزيز التجربة الكردستانية وتقويمها والإسهام في المحافظة عليها وحمايتها دون ان يعني ذلك التستر او السكوت عن الأخطاء اذا ما حصلت.. فالديمقراطية قبل كل شيء مسؤولية تتطلب الوعي بشروطها.
الديمقراطية مسؤولية
نشر في: 9 يناير, 2010: 04:15 م