TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عقلك "صخر جلمود"

عقلك "صخر جلمود"

نشر في: 30 سبتمبر, 2015: 09:01 م

شاعر أغنية المطربة الراحلة سميرة مراد "كلبك صخر جلمود " جسّد صدود الحبيب حين شبّه قلبه بالصخر ، جماد لا تحركه العواطف الملتهبة ، استسلم للسكون ،تجاهل لوعة العاشق الولهان ، ربما لغرض تعذيب من بادله الحب من طرف واحد ، او لجعله يقدم الكثير من التنازلات وصولا الى تحقيق اهداف اخرى لم تفصح عنها الاغنية ، فظل المعنى بقلب الشاعر الراحل عبد الكريم العلاف .
في زمن بث الاغنية وانتشارها ، تعاطف معها ورددها من خاض تجربة الحب من طرف واحد وفشل في الارتباط بمن يحب ، لكنه في النهاية استسلم لقدره ، فغير بوصلة قلبه الى اتجاه آخر اسدل الستار على ماضيه العاطفي ، يتذكره حين يسمع الاغنية ، فيتجرع مرارة الالم ثم سرعان ما ينتبه الى واقعه الاسري الجديد ، خشية اثارة تساؤلات ام العيال حين تبادر بطرح سيل من الاسئلة عن اسباب التأزم الطارئ.
في الماضي البعيد كان معظم العراقيين يعانون انخفاض الدخل ، لكن مظاهر الحياة المدنية منحتهم فرصة الاستمتاع بتفصيلها، بدءا من متابعة حفلات السيدة كوكب الشرق ، الى مشاهدة آخر افلام محمد عبد الوهاب في دور عرض السينما في بغداد والمحافظات ، قبل غلقها أوتحويلها الى مخازن تجارية ، الافلام والاغاني ربما حركت قلوب من تقمص دور البطل العاشق ، حاول تجسيد الدور على ارض الواقع ، لكن محاولته باءت بالفشل ، لأنه لم يجد فتاة تبادله الحب .
مرحلة "كلبك صخر جلمود" انتهت في العراق بقضها وقضيضها يوم دخلت القوى العاملة في الساحة السياسية في صراع محتدم للسيطرة على السلطة ، انعكست تداعياته على الاوضاع الاجتماعية وحتى النفسية ، ففقد العراقي الذي يعاني العوز المزمن حالة الاسترخاء ، لخضوعه الى سلطة تديرها عقول من الصخر الجلمود .
حين يقطع زعيم سياسي الطرق والشوارع في العاصمة بغداد لأداء صلاة عيد الاضحى وإلقاء خطبة لاتباعه يحذر فيها المتظاهرين من ترديد شعارات تمس الاحزاب الدينية المشاركة في الحكومة الحالية، يعطي الزعيم دليلا واضحا على دخول العراق بفضل طبقته السياسية الحالية الى مرحلة " عقلك صخر جلمود " وحين تعجز الحكومة بكل اجهزتها الامنية عن العثور على وكيل وزارة العدل المختطف وتتجاهل الدعوات المطالبة بمعرفة مصير الناشط المدني جلال الشحماني ، وبعده مستشار محافظ الانبار للشؤون الدينية علي الدرب ، تعطي هي الاخرى دليلا دامغا على ان"الحكمة السياسية" غادرت البلاد مع المهاجرين الى الدول الاوروبية بحثا عن ملاذ آمن !
هل يحتاج العراق الى خبرات دولية تساعده في حل ازماته المستعصية ؟ ربما يكون هذا الخيار هو طوق النجاة الوحيد لإنقاذ البلاد من الانزلاق نحو منحدر خطير ، في ظل بروز تحديات اقتصادية وامنية ، بوجود اشباه رجال الدولة ، عقولهم صخر جلمود .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram