من أشهر الأعمال التي كتبها الروسي نيكولاي ريمسكي – كورساكوف (1844 – 1908) المتتابعة السيمفونية أو القصيدة السيمفونية شهرزاد. تنبع شهرته من عدة عوامل، أولها الموضوع، فاختيار موضوع مثير مثل قصص ألف ليلة هو وصفة جاهزة للنجاح في أوروبا القرن
من أشهر الأعمال التي كتبها الروسي نيكولاي ريمسكي – كورساكوف (1844 – 1908) المتتابعة السيمفونية أو القصيدة السيمفونية شهرزاد. تنبع شهرته من عدة عوامل، أولها الموضوع، فاختيار موضوع مثير مثل قصص ألف ليلة هو وصفة جاهزة للنجاح في أوروبا القرن التاسع عشر، إذ بهر تاريخ وأدب وفنون الشرق الذي استعمرته أوروبا الناس. اقترن هذا الموضوع المثير باستعمال شكل القصيدة السيمفونية أو المتتابعة السيمفونية (كما يوصف العمل)، وهو شكل مناسب لسرد القصص بحرية أكبر، وأتجرأ القول أن العمل يقترب في شكله من ما كان يعرف بشكل سيمفونيا كونشرتانته في عصر الباروك، وهو متتابعة موسيقية تحمل ملامح الكونشرتو في نفس الوقت، تمثله هنا أداة الكمان. ويتميز العمل كذلك باستعمال المؤلف ألحاناً خاصة أسماها ريشارد فاغنر اللحن الدال أو اللايتموتيف، وهي الحان تدل على حدث ما أو شخصية ما تتكرر خلال العمل الدرامي. العامل الثالث في نجاح هذا العمل (وهنا أيضاً تبرز أهمية اختيار الموضوع والقصة)، هو تحويله إلى باليه ناجح يقدم في الكثير من المسارح. يترافق كل هذا بالطبع مع استعمال ريمسكي – كورساكوف ألحاناً غنائية جميلة نجحت في خلق الجو الشرقي الذي تدور فيه أحداث القصة.
يفتتح العمل بلحن يمثل السلطان شهريار، كتبه المؤلف في سلم التون الكامل. وقد استعمل المؤلفون سلم التون الكامل منذ قرون، ويتميز بخلوه من النغمة المؤدية التي تؤدي إلى بيت السلم أو الأساس يفصلها عنه نصف تون، مما يعطي الألحان نكهة ضبابية وغريبة لدى السامع الذي ينتظر اشارة للعودة إلى الأساس دون فائدة. وهذا هو اللحن المميز لشهريار، يليه اللحن الجميل المميز لشهرزاد، يؤدى على الكمان.
متتابعة شهرزاد بين الأعمال التي تأثرت بها في طفولتي، إذ كان في مكتبتنا الموسيقية تسجيل لفرقة اوركسترا فيلادلفيا بقيادة المجري يوجين اورماندي يعود إلى 1953. وقد أحب العمل كل أفراد العائلة، بضمنهم اختي الكبيرة شهرزاد.