اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > أطلقوا شعار: مدينتُنا إلا نُعمِّرها..الحيـاة تعاود المسير في تكريت بعــد تحريرها

أطلقوا شعار: مدينتُنا إلا نُعمِّرها..الحيـاة تعاود المسير في تكريت بعــد تحريرها

نشر في: 4 أكتوبر, 2015: 12:01 ص

طوال فترة البعـد عن تكريت بقيت (لارا) ابنة الرابعة تتحدث لأهلها عن دميتها ( سوسي ) كما أسمتها والتي أحبتها كثيرا، لكنها لم تستطع اصطحابها معها كونها كانت نائمة عندما غادرت عائلتها المدينة، ولم تستفيق من غفوتها الا في مدينة اخرى، لارا كانت قلقة نحو

طوال فترة البعـد عن تكريت بقيت (لارا) ابنة الرابعة تتحدث لأهلها عن دميتها ( سوسي ) كما أسمتها والتي أحبتها كثيرا، لكنها لم تستطع اصطحابها معها كونها كانت نائمة عندما غادرت عائلتها المدينة، ولم تستفيق من غفوتها الا في مدينة اخرى، لارا كانت قلقة نحو مصير دميتها، تخشى ان يكون قد اصابها مكروه نتيجة لما جرى في المدينة، فبعد وصول عائلة الطفلة الى منزلهم وجدوه سالماً من اي ضرر، تلك الطفلة هرعت الى مخدع الدمية في حجرتها لتجدها ترقد بسلام، ما كان منها إلا ان احتضنت (سوزي) بقوة مطلقة صرخة فرحٍ لم يغـب صداها عن مسامع الجميع.

 

دعـوة العوائل إلى العودة

لم تقوَ أم (مصطفى) على مواصلة الحديث فدموع الفرح سالت رغماً عنها لترسم ابتسامة جميلة أعادت معها البهجة الى قلبها الذي لم يغب عن المدينة طيلة السنة التي قضتها في النزوح. كان كابوسا مؤلما هكذا وصفت لنا حال الفترة التي عاشتها خارج أسوار منزلها بعيدة عن حديقتها عن مدينتها عن كل شيء جميل كما تقول. وعن حال المدينة الآن قالت ام (مصطفى) بكل صراحة بعد أن تحررت مدينتنا من سيطرة غربان الشر (داعش) ونتيجة لكون المدينة قد أصبحت ساحة حرب لأشهر عديدة كنا نخشى من العودة اليها مخافة ان نجد بيتنا قد هُدم نتيجة تلك العمليات لكننا تحدينا الإشاعات المغرضة وقررنا العودة وان كلفنا ألامر حياتنا. لحظة دخولنا الى المدينة ذرفنا دموع الفرح الممزوجة بالشوق، كما أكدت بان الخدمات قد عادت بشكل شبه كامل إلى المدينة إضافة إلى عودة الحياة الى مرافق المدينة الأخرى لاسيما الترفيهية منها التي تبشر بالخير داعية جميع العوائل النازحة إلى العودة إلى مدينتهم من أجل المساهمة في اعمارها وإعادة ألقها السابق الذي غاب بسبب الحروب التي لم تخلف سوى الدمار. 
وعن معاناة المواطنين بعد عودتهم ذكرت ام (مصطفى) بأن عودة المياه إلى مجاريها يحتاج الى وقت مثلما يحتاج إلى تضافر لجهود الجميع بدءاً من المواطن وصولا الى قمة هرم المسؤولية في المدينة. 
 
صندوق دعـم وتقشف
في اتصال هاتفي مع (المدى) ذكر المهندس معاون محافظ صلاح الدين الفني سعيد السلطان: أن هناك مساعي حكومية تُبذل لإعادة الحياة الى المدينة لكن هناك عددا من العقبات التي تواجه تلك المساعي أبرزها قلة الامكانيات المتاحة لدى إدارة المحافظة إضافة إلى حجم الدمار الذي حلَّ بالمدينة نتيجة العمليات العسكرية. وعن صندوق إعمار المدينة المدعوم من قبل عدد من الدول المانحة ذكر السلطان بأن البيروقراطية التي يدار بها هذا الصندوق قد آخر موعد البدء في تنفيذ أغلب المشاريع المقترحة من قبل المحافظة التي تلامس حياة المواطن في المدينة إضافة إلى تهميش دور الإدارة المحلية في المحافظة واقتصار دورها على تقديم الاقترحات. وفي ما يخص الدعم المقدم من قبل الحكومة المركزية للمحافظة قال السلطان: ان حالة التقشف التي تمر بها الحكومة المركزية ساهمت في خفض إعداد المشاريع التي نطمح لتنفيذها في مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين مما أنعكس سلباً على الواقع الخدمي الذي بدوره يلامس المواطن بشكل مباشر.
من جانبها ذكرت عضو مجلس محافظة صلاح الدين آمنة الجبوري ان الوضع العام في مدينة تكريت يسير نحو الأفضل وان الحياة اليوم في المدينة شبه طبيعية مقارنة بالأيام الاولى للتحرير، منوهة الى ضرورة تعاون المواطن مع المؤسسات الحكومية كافة بغية عودة المياه إلى مجاريها. 
 
خطة إعادة الإعمار
قائممقام تكريت د. عمر الشنداح ذكر بحديثه لـ(المدى) الوضع اليوم في تكريت شبه مثالي وان المواطن في المدينة يتلمس هذا الشيء من خلال إعادة شريان الحياة بصورة تدريجية، مضيفا: المدينة اليوم أصبحت مؤهلة للسكن بعد ان قامت المؤسسات الخدمية فيها بجهد اضافي من أجل إحياء واعمار مادمره داعش الذي لم يترك مؤسسة حكومية إلا وعبث بها.
واضاف الشنداح: منذ اليوم الأول لعملية التحرير قمنا بتوجيه مدراء الدوائر كافة في المدينة ووضع خطة لإعادة الإعمار على الرغم من الامكانيات المتواضعة، كما قمنا بالتنسيق مع الكثير من الوزارات في الحكومة المركزية بغية زيادة التخصيصات المالية التي تعتزم تقديمها للمدينة.
 
عودة 20 الف عائلة
وعن عدد العوائل العائدة إلى تكريت قال الشنداح: هناك عشرون ألف عائلة عادت الى المدينة من اصل خمسة وعشرين الف عائلة أي ان نسبة العوائل العائدة إلى المدينة بلغ 80% وهذا مؤشر جيد يدعونا للتفاؤل، مبينا: أما بقية العوائل التي لم تعد بعد الى المدينة فهنالك بعض الأمور الثانوية التي تقف في طريق عودتهم وسوف نعمل على تجاوزها في المرحلة المقبلة. وعن بقية مرافق الحياة داخل المدينة أشار الشنداح الى وجود عدد كبير من المرافق الترفيهية قد عادت إلى الخدمة من جديد منها المطاعم والكازينوات إضافة إلى المتنزهات ومدن الالعاب، مشيداً بدور القطاع الخاص الذي عكف منذ تحرير المدينة الى اعادة احياء تلك المرافق التي تعد متنفساً للعوائل التكريتية، موجهاً دعوة الى جميع المستثمرين في القطاع الخاص الى دعم المشاريع التي من شأنها أن تضيف جمالية للمدينة.
 
حملات مدنية وشبابية
لم تقتصر الجهود المبذولة لإعادة الحياة الى مدينة تكريت على المؤسسات الحكومية فحسب، بل كان هنالك دور واضح للمؤسسات المدنية والشبابية التي ساهمت في رسم صورة جميلة شاهدها كل من زار المدينة مؤخراً، تمثلت في حملات تنظيف شوارع وارصفة المدينة، إضافة إلى حملات تشجير، وصبغ لعدد من الجدران برسوم تدعو للحياة، بدل رسومات وشعارات داعش التي تدعو للموت وتنظر لفكره المتطرف. الناشط المدني والشبابي عبدالسلام الغفراني تحدث لـ(المدى) قائلاً: بعد تحرير المدينة عمدت مجموعة من شباب تكريت على القيام بحملة تهدف إلى تنظيف وتجميل المدينة ، من خلال تزيين وإعادة إحياء المتنزهات والحدائق العامة داخل المدينة،إضافة إلى توعية الشباب بضرورة الاهتمام بالمرافق العامة، مبينا: ان الدوائر الحكومية في تكريت بحاجة للمساعدة على مواجهة هذه التحديات. 
من جانبها دعت الناشطة المدنية لمياء صبحي المشهداني الى منح الدعم المناسب لمنظمات المجتمع المدني في محافظة صلاح الدين من أجل المساهمة في إعادة إعمار المدن التي دمرتها الحرب، مطالبة: جميع المنظمات المدنية الى التكاتف وتأسيس غرفة عمليات مشتركة تهدف إلى إخراج مجتمع صلاح الدين من هذه النوبة العصيبة التي مرَّ به حسب وصفها.
 
التربية والتعليم
لم يقتصر الدمار على شيء معين، بل امتد ليطال بيوت العلم المتمثلة بالمدارس، في اتصال هاتفي مع (المدى) ذكر مدير تربية تكريت الأستاذ جمال نعمان: ان هنالك ثلاث مدارس قد تضررت بنسب كبيرة نتيجة العمليات العسكرية التي حدثت داخل المدينة. وعن سير العملية التربوية في تكريت قال: ان العملية التربوية في تكريت تسير وفق ما مخطط لها، وان جميع المؤسسات التربوية في المدينة قد استعدت للعام الدراسي الجديد، بدءاً من رياض الأطفال وصولاً إلى الإعداديات، مسترسلا: الأمر الذي يدل على وجود حياة داخل المدينة بعد فترة سبات عاشتها المؤسسات التربوية، مشيداً بجهود الكوادر التربوية والتدريسية التي ساهمت في انجاح امتحانات الدور الثاني للمراحل المنتهية .
رئيس قسم الفنون التشكيلية بمعهد الفنون الجميلة في تكريت جيهان رسول سعود افادت بحديثها لـ(المدى) ان إدارة المعهد اجرت امتحان الدوري الثاني للطلبة الذين لم يتمكنوا من تأدية الامتحان في الوقت المحدد، مبينة: أن إدارة المعهد على استعداد تام لاستقبال العام الدراسي الجديد، موضحة: ان هنالك توجهاً لدى الكثير من الطلبة للالتحاق بالمعهد مما يعد بارقة أمل في عودة الفن الى تكريت.
 
جامعة تكريت تعود للحياة
مصدر في مكتب رئيس جامعة تكريت تحدث لنا قائلا إن رئاسة الجامعة باشرت عملها في موقع جديد داخل مدينة تكريت، وسوف تقوم بإلغاء جميع المواقع البديلة. وعن موعد بدء العام الدراسي في الجامعة ذكر المصدر: ان رئاسة الجامعة ومن خلال التنسيق مع وزارة التعليم العالي قررت ان يكون الأول من تشرين الثاني المقبل موعدا لانطلاق العام الدراسي الجديد، مؤكدا: أن رئاسة الجامعة شرعت في تنفيذ عملية صيانة وتأهيل لعددٍ من مرافق الجامعة ومنها الأقسام الداخلية الخاصة بالطلاب والطالبات بعد تنسيقها مع إدارة المحافظة.
 
مستشفيات تكريت والأدوية
في اتصال هاتفي مع معاون مدير عام صحة صلاح الدين د. فياض الجبوري ذكر فيه أن واقع حال المؤسسة الصحية في تكريت يعاني من مشاكل عديدة أهمها قيام عصابات داعش بسرقة كافة الأجهزة الطبية الموجودة في مستشفيات المدينة إضافة إلى سرقته للادوية والمستلزمات الطبية ونقلها الى اماكن مجهولة كذلك تعرض كافة المؤسسات الصحية الى أضرار جسيمة نتيجة العمليات العسكرية الخاصة بتحرير المحافظة.
وعن إنجازات دائرة صحة المحافظة قال الجبوري: إن دائرة الصحة قامت بتأهيل عدد من المراكز الصحية والمستشفيات ومن أبرز هذه المنجزات تأهيل صالة للعمليات في مستشفى القادسية التعليمي إضافة إلى تأهيل صالة للولادة في المستشفى نفسه، مشيداً بالدعم المقدم من قبل وزارة الصحة وإدارة المحافظة معللا التأخير الحاصل في عدد من المراكز الصحية والمستشفيات في تكريت إلى قلة الامكانيات الممنوحة لدائرة صحة صلاح الدين كون البلد يمر بأزمة اقتصادية وتقشف مالي.
 
أزمة سكن ..
بما أننا نعيش في بلد الأزمات وبما أن تكريت الان تمر بمرحلة حرجة، طفت على السطح اليوم أزمة دخيلة على المدينة، ألا وهي أزمة السكن، فنتيجة لما جرى للمدينة من دمار وخراب، اذ لم تسلم دور المواطنين العزل، فتنظيم (داعش) بعد أن استولى على المدينة، عمد على هدم بيوت الكثير من المسؤولين إضافة إلى المنتسبين إلى المؤسسات الأمنية، كما لم تسلم دور كل من لديه صراع او عداوة شخصية مع أحد أفراد التنظيم من ذلك الهدم. هذا الأمر سبب في ازمة سكن داخل تكريت ظهرت بعد عودة الاهالي الى منازلهم ليجدوا قسماً منها قد تساوى مع الارض مما اضطرهم لتأجير منازل أخرى تلك الازمة أدت الى رفع سعر ايجار البيت داخل المدينة الى الضعف، كما يقول محمد الحديثي صاحب مكتب عقاري في تكريت، الذي اعتبر هذه الأزمة الأولى في المدينة ولم تشهد تكريت مثل هكذا ازمة من قبل. لافتا: تلك الأزمة جعلت الكثير من أهالي تكريت يقطنون ناحية العلم المجاورة لتكريت والواقعة على الضفة اليسرى لنهر دجلة حتى أتمام إعمار منازلهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. احمد الحديثي

    نريد اهتمام كبير للبيوت المتضررة من قبل المدى ف اليوم المواطن قدم نفذ مالدية جراء النزوح

  2. احمد الحديثي

    نريد اهتمام كبير للبيوت المتضررة من قبل المدى ف اليوم المواطن قدم نفذ مالدية جراء النزوح

يحدث الآن

طلب 25 مليونا لغلق قضية متهم بالمخدرات.. النزاهة تضبط منتحل صفة بـ"موقع حساس"

أسعار صرف الدولار في العراق

محاولات حكومية لانتشال الصناعة العراقية من الاستيراد.. هل ينجح الدعم المحلي؟

اكتشاف مقابر جماعية جديدة في الأنبار تفضح فظائع داعش بحق الأبرياء

فوائد "مذهلة" لممارسة اليوغا خلال الحمل

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram