TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > البطل حنفش

البطل حنفش

نشر في: 3 أكتوبر, 2015: 09:01 م

في أحد أحياء بغداد الشعبية حمل القصاب علوان لقب "حنفش " لتمتعه بقوة عضلية جعلته الوحيد بين رجال مهنته متخصصا بذبح البعران والثيران والجواميس، موهبته اثارت اعجاب من عاصره، علوان وحيد امه، اعتاد قضاء سهراته الليلية في بار يقع بمنطقة الصالحية، يتخذ له طاولة منزوية بمفرده، مفضلا الوحدة، على الرغم من معرفته بجميع رواد الحانة من الشباب الاريحية الذين يكتفون بإلقاء التحية على حنفش من بعيد، لا احد منهم يغامر بالاقتراب منه لإخراجه من صفنته الطويلة .
سر صفنات حنفش تعود الى فشل زواجه ثلاث مرات لأ سباب مجهولة، تقضي عروسه معه اسبوعا ثم تغادر بيت الزوجية متوجهة الى دار اهلها، عودة العروس ترسم علامات استفهام كبيرة لدى اهالي الحي، لا تجد جوابا مقنعا، تكرار فشل زواج القصاب علوان، تعرف اسبابه امه فقط، هي تعلم ان ابنها تعرض في صغره الى رفسة عجل تحت حزامه عندما كان يرافق اباه لمساعدته في عمل القصابة، السر ظل طي الكتمان لم يتجاوز جدران المنزل، فضحته عروس حنفش الثالثة بعد اليوم الرابع من زفافها بحديث لأمها انتقل الى الاب فاعلنه في مقهى الطرف اثناء الرد على المشككين بشرف ابنته، فضح سر حنفش دفعه الى مغادرة الحي والانتقال مع امه الى مدينة اخرى ثم انقطعت اخباره، وما عاد احد يستذكر مآثره عندما كان " يحنفش " وينجز عملية نحر اكبر ثور بدقائق من دون الاستعانة بمساعدة زملائه القصابين .
قصة القصاب علوان حنفش تعيد الى الاذهان ما ذكره مسؤولون امنيون في سنوات سابقة حين اكدوا ان الارهاب في العراق انحسر نشاطه، سيرفس رفسته الاخيرة ليحل الامن والاستقرار، تصريحات المسؤولين الامنيين، صدرت قبل دخول تنظيم داعش الى محافظة نينوى وفرض سيطرته على اجزاء واسعة من محافظة الانبار واحتفاظه بمناطق مهمة بمحافظة صلاح الدين، بعد مرور اكثر من عام على تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بمشاركة ستين دولة لمحاربة داعش، يبدو المشهد الامني في المنطقة بحاجة ماسة الى اتفاق اقليمي لبلورة موقف موحد لضمان استقرار امن المنطقة، عبر عقد اجتماع تشارك فيه السعودية وتركيا وايران فضلا الولايات المتحدة وروسيا، اجتماع بمثل هذا المستوى من المستحيل ان يتحقق في الوقت الحاضر، نظرا لتقاطع المواقع الى حد التلويح باستخدام السلاح بين الدول المتنازعة.
الشعب العراقي لم ولن يشهد الرفسة الاخيرة لثيران الارهاب في ظل توتر الاوضاع الحالية، ودخول الكبار في حلبة الصراع، كل واحد منهم يمتلك قوة وقدرة المرحوم القصاب علوان حنفش في نحر الثيران والبعران، الاطراف الدولية تدّعي انها بامكانها ان "تحنفش" على الارهاب وتجعله يرفس الرفسة الاخيرة، متى يتحقق ذلك ؟ لا احد يعلم ونايمة الحنفوشة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram