اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > بـوتين يُـؤذّن في سـوريـا

بـوتين يُـؤذّن في سـوريـا

نشر في: 5 أكتوبر, 2015: 12:01 ص

أفرزت الأيام القليلة الماضية أحداثاً قد تغيّر مجرى توازن القوى في المنطقة ،لأن توازن القوى ليس ثابتاً فهو في تحول وتبدل دائم والتفكير في رسم خارطة جديدة للتحالفات الإقليمية والدولية، إن الأزمات التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط وهزات كادت تشعل في كل مر

أفرزت الأيام القليلة الماضية أحداثاً قد تغيّر مجرى توازن القوى في المنطقة ،لأن توازن القوى ليس ثابتاً فهو في تحول وتبدل دائم والتفكير في رسم خارطة جديدة للتحالفات الإقليمية والدولية، إن الأزمات التي مرت بها منطقة الشرق الأوسط وهزات كادت تشعل في كل مرة فتيل حرب لا تنطفئ على الرغم من كثـرتها إلا ان لسوريا والعراق طابعاً مختلفاً من حيث الاهمية والاولوية وأيضاً على اعتبارهما يواجهان أعنف وأخطر التحديات المتمثلة بزوال الدولة بعد تهديدهما من قبل أشرس التنظيمات الإرهابية في عالم اليوم، الذي يحاول من خلال أعماله الخروج عن السياقات الطبيعية في التعامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتوجه نحو دولة الدين والطائفة الرافضة لكل أنواع التعدد الديني والمذهبي.

إن داعش يُعدّ واحداً من التنظيمات الارهابية الدولية العابرة للحدود والجنسيات والقوميات والاعراق، وهي نتاج نظام الكراهية إلى جانب نظام الفوضى الخلاقة التي تحاول بعض الاطراف تهيئة الاجواء لهكذا تنظيمات من أجل السيطرة والنفوذ وتمرير المشاريع التي صعب على العمل السياسي والدبلوماسي والعسكري على تحقيقها، قد يختلف او يتفق البعض ان داعش صناعة امريكية بتدريب تركي ودعم خليجي طيلة هذه السنوات، لكن كل التوقعات والتكهنات تحولت إلى يقين من حيث من يدعم ويدرب ويسهل تنقل هؤلاء المقاتلين فهذا التنظيم الارهابي يسير وفق مفاهيم العنف والقتل وقريبة من فكرة توسيع رقعة الاضطرابات قدر المستطاع بطرحه أفكارا منافية للإنسانية، وكان واضحاً من هي الدول على الاقل التي تقف مع داعش باسم دعم المعارضة السورية أو الجيش الحر، والمفارقة الغريبة هي الدول ذاتها تدعم الجيش الحر وتدعم داعش، لذلك فإن الداعم والممول لكلا الطرفين واحد، وجميع هذه الدول تُعد حليفة للولايات المتحدة بكل الاحوال تنفذ ما يتماشى مع المصلحة الامريكية، بالتالي فإن القضية السورية والعراقية من القضايا الرئيسية التي أخذت مساحة كبيرة من الدراسة والتمحيص، وفي الصراع الدائر في سوريا سعت الولايات المتحدة اظهاره للعالم بانه صراع بين الخير والشر على اعتبارها قوة داعمة للخير والجماعات التي تم دعمهم من قبلها هي تمثل معسكر الخير ضد معسكر الشر بقيادة بشار الاسد، لكن الصراع الذي تحول في ما بعد إلى طائفي بامتياز أخذ مديات أبعد مما كان مخططاً له على اقل تقدير في الوقت الحالي الذي حمل مفاجآت كثرة للولايات المتحدة وحلفائها في ما بعد، وتحول الصراع إلى العراق لإكمال دائرته التوسعية وإعطاء رسائل تحذيرية للحلفاء والاعداء اعطت نتائج عكسية، بالتالي فإن الرياح جاءت بما لا تشتهيه الرغبة الامريكية وحلفاؤها فسوريا لم تكن مصر ولا تونس ولا حتى ليبيا وروسا كذلك لن تسمح بذلك، والعراق تغيرت فيه المعادلة العسكرية لصالح ابناء الارض، وداعمو داعش في البلدين باتوا أضعف من ان يقدموا أي دعم يساعد على تفوّق تنظيمهم المقاتل.
بعد هذه الفوضى التخطيطية والستراتيجية الواضحة في الافق الدولي والاقليمي بانت خيوط تحالفات جديدة وتوازنات اكثر وضوحا وصراع بين قطبين الاول شاخت تحالفاته حتى وصلت لحالة العجز التام المتمثل بقيادة الولايات المتحدة، والثاني بانت بوادر قوته من جديد المتمثل بقيادة روسيا بعد ان أعلن الرئيس فلاديمير بوتين استعداد بلاده التام بمساعدة سوريا للقضاء على تنظيم داعش الارهابي بعد ان تم دعمه من قبل البرلمان الروسي بقبوله بتوجيه الضربات لداعش، وإعلان الكنيسة الارثوذوكسية أن حرب روسيا ضد داعش هي حرب مقدسة، هذا الدعم جعل بوتين يدخل بقوة لهذه المنطقة الملتهبة ويقلب الطاولة ويعلن عن تحالفاته التي تضمن مصالحه في المنطقة.
من يتذكر يالطا ونهاية الحرب الباردة ممكن ان يستقرئ واقع الاحداث الحالية والتحول لنظام مغاير يعلن عن نهاية التفرد الامريكي العالمي وعقد التحالفات التي تحدّ من نفوذها في مناطقها التي تعدّ بموجب التفكير الستراتيجي الامريكي مناطق حيوية، إن التواجد الروسي في سوريا وعقد الاتفاق الرباعي مع كل من إيران والعراق وسوريا يعطي إشارات واضحة على اجراء تعديلات جوهرية في رسم خارطة المنطقة التي كان من المتوقع أن حلفاء الولايات المتحدة قد حددوا معالمها منذ اليوم الاول من دعمهم لداعش، على الرغم من أن هذا الاتفاق اوسع حدوداً بالنسبة للعراق من المؤمل أن لا يتحول لتحالف حتى لا يضع العراق في تبعية اقليمية ودولية تامة ،لأن هذا الاتفاق قد يقيد العراق سواء في التعامل مع إران أو في التعامل روسيا والولايات المتحدة خصوصاً وأن العراق إقليمياً قد يتأثر من تبعية إيرانية كاملة ومعلنة وأيضاً يتضرر من صراع روسي امريكي في نفس الوقت، وبتغير الاحداث التي تميزت بوتيرة سريعة فإن هذه المنطقة قد تكون مستقبلاً منطقة نفوذ ستراتيجية روسية لها الاولوية في التحكم بها من خلال حلفاء أقوياء أغنياء، فمن حسن حظ روسيا ان حلفاءها في منطقة الخليج والمشرق يعدون من الاقوياء قياساً بمعادلة التوازنات الاقليمية ،أما حلفاء الولايات المتحدة فهم مغلوب على أمرهم. يعتبر التدخل الروسي في المنطقة طوق نجاة جديداً لسوريا ونظامها السياسي ،ففي بداية الازمة كان السوريون معتمدين اعتمادا كلياً على حزب الله والمقاتلين العراقيين الذين شكلوا سرايا لمقاتلة داعش إلى جانب المساعدة الايرانية الواضحة لسوريا في هذه الحرب، إلى أن دخل هذا التنظيم للعراق وبدأت حرب الايديولوجيات الدينية بالنهوض فتحولت الحرب من نظام دكتاتوري تواجهه القوى المعارضة له إلى حرب طائفية سنية وشيعية تقودها دول وجماعات مسلحة، فكان دور الجماعات التكفيرية كبيراً على الساحة السورية بعد أن سمح لهم بأن يؤذنوا على المنابر ليعلنوا عن بشاعة اعمالهم واقوالهم، وطيلة هذه السنوات ورحى الحرب تدور حول ما هو المهم والاهم إلى أن جاء التدخل الروسي فأعطى الاولوية للقضاء على داعش والتنظيمات المعادية للأسد وليس ببعيد أن تستهدف الطائرات الروسية عناصر الجيش الحر المدعوم رسمياً من قبل الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر لاعتبارات روسية تحاول تأكيدها في المنطقة وللعالم أن الجيش الحر هو الذراع المسلح لمعسكر الولايات المتحدة في سوريا وعليها قطع هذا الذراع، فروسيا وطيلة سنوات ما بعد الحرب الباردة تحاول أن تكون قوة عظمى لا يستهان بقدراتها تحاول استعادة امجاد الماضي لكن بخوض حرب مختلفة عن تلك التي كانت قائمة على اساس الايديولوجيا في كل مناطق نفوذها السابق سواء في الشرق الاوروبي أو في الشرق الاوسط، بالتالي فإن روسيا تحاول ان تلعب دوراً حقيقياً تسعى من خلاله العودة للساحة الدولية بقوة وبتأثير بالغ الاهمية على جميع الاطراف الفاعلة في هذه الازمة، لكن هذا لا يعني من أن خطر الانزلاق في هذه الازمة بالنسبة لروسيا غير وارد لا بل قد تؤثر تبعاتها على الدور الروسي في الوقت نفسه، روسيا اليوم بدأت تفرض على المجتمع الدولي شروطها بالتالي فإن الموقف الروسي لا يتوقف عند دعم سوريا الاسد بالإجهاز على خصومه بشكل تام بمختلف مسمياتهم وتوجهاتهم بل تريد ربط المنطقة بعدد من الاتفاقيات والتحالفات التي بدورها تقيد وتحد من دور الولايات المتحدة وبذلك فهي تعلن عن بداية نهاية عالم احادي القطبية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    اريد ان اعرف ان روسيا رفعت الفيتو ضد اميركا بتدخلها في سوريا فلماذا اميركا لم تستخدم الفيتو ضد الروس اليس هذا الامر فيه كثير من الريبة

  2. ابو سجاد

    اريد ان اعرف ان روسيا رفعت الفيتو ضد اميركا بتدخلها في سوريا فلماذا اميركا لم تستخدم الفيتو ضد الروس اليس هذا الامر فيه كثير من الريبة

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

موظفو التصنيع الحربي يتظاهرون للمطالبة بقطع أراض "معطلة" منذ 15 عاماً

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

كلوب بعيد عن تدريب المنتخب الأمريكي بسبب "شرط الإجازة"

"مشروع 2025".. طموح ترامب يتحول لسلاح بيد بايدن

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram