السيطرة على السلطة في العراق أو في دول المنطقة تجعل زعيم الحزب الحاكم رمزا وطنيا وقوميا يقود الجماهير نحو المستقبل الباهر ، في اغلب الاحيان يمنحه الحبربشية من بطانته والمقربون منه صفات القدسية ، قراراته تاريخية تصب في صالح الامة ، وجوده في السلطة يحتم على الآخرين تجديد ولايته ، مع رفع برقيات تأكيد ولاء قواعده الشعبية لتأكيد السير خلف قيادته المظفرة .
في الانظمة الديمقراطية يودع الرئيس القصر الجمهوري طبقا لمبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع ، فيعود الى موقعه السابق متجردا من كل صلاحياته وامتيازاته ، لا يجوز له الاحتفاظ بفوج الحماية ، في العراق يبقى الرئيس المخلوع او المبعد من منصبه محتفظا بمنزله في المنطقة الخضراء المطل على نهر دجلة ، فضلا عن امتلاكه فضائية تعيد بث خطبه السابقة ، ليحقق حالة التواصل مع الجماهير ، لاعتقاده بان القواعد الشعبية لا يمكن ان تستغني عنه حتى بعد وفاته وانتقاله الى جوار ربه ، وربما تراود المخلوع فكرة استنساخه او تحنيطه كما فعل المصريون القدماء ، حيث كانت الديانات المصرية القديمة تعتقد بأن الإنسان لا يمكن أن يبعث في الآخرة إلا بعد أن تعود الروح إلى الجسد ، فلجأ الفراعنة الى تحنيط مواتهم لحماية جثثهم من التحلل كي تتمكن الروح من العثور على الجسد لتتم عملية البعث.
في زمن الفراعنة لم يكن التحنيط متاحا لاي شخص ، واقتصر على الملوك وكبار الكهنة والاثرياء ، للحفاظ على الرمز في العالم الآخر ، في ضوء اعتقاد سائد بان المحنط يبعث برسائل الى الاحياء لمعرفة اوضاعهم ومدى تمسكهم بتعاليم وافكار المحنط وخططه التنموية ومشروعه الوطني .
الكشف عن سر الخلود لطالما شغل شعوب الارض قاطبة ، وحين استسلمت البشرية لقدرها واعترفت بان الموت حق ولا يمكن دحره حتى بنجاح استنساخ النعجة دولي ، عكف العلماء والباحثون على اجراء تجارب علمية للحصول على لقاحات ضد مختلف الامراض والعلل ، بعد ان حصدت الملايين من ارواح البشر بالطاعون والكوليرا ، واوبئة اخرى استوطنت في بلدان العالم المتخلف ، وفي مناطق الصراع والنزاعات المسلحة .
المنظمات الدولية المعنية بالحفاظ على الجنس البشري من الانقراض لطالما حذرت من حماقات هواة شن الحروب لتوسيع النفوذ وفرض السيطرة على اكبر رقعة جغرافية لاعتقادها بان دولا كثيرة اصبحت بيئة مناسبة لاوبئة مستوطنة ولدت من الخلافات المتجذرة بين القادة السياسيين وامراء الطوائف.
بعد الغزو الاميركي للعراق ، استجابت شريحة واسعة من المجتمع لتقبل فكرة الرمز ، الزعماء بالعشرات ، والاحزاب بالمئات ، وتشريعات تنظيم الحياة السياسية غائبة ، بانتظار توافقات اصحاب الحل والربط لاعلان موافقتهم لتأخذ طريقها الى السلطة التشريعية ، ثم لمعالجة الوباء السياسي المستشري في البلاد ، بعض القوى العراقية يدعي امتلاكه الزعيم المنقذ ، لأنه "عضو بارز فعال" في المشهد السياسي على حد وصف احدى المخضرمات من اعضاء مجلس النواب ، ببركات البارز الفعال سيضمن العراقيون مستقبلهم من دبش .
عضو بارز فعّال
[post-views]
نشر في: 5 أكتوبر, 2015: 09:01 م