فضائيات عراقية تبث يومياً عشرات الاعلانات لصالح جهات رسمية ، بهدف محاربة الفساد والتعاون مع الاجهزة الامنية ، والالتزام بشروط الوقاية الصحية لتجنب الاصابة بمرض الكوليرا وغيرها من القضايا ذات المساس المباشر بالمجتمع ، تلك الاعلانات وهي عادة مشاهد تمثيلية خالية من اية قيمة فنية ، تمكنها من استقطاب اهتمام الجمهور ، ساذجة الى حد عزوف حتى الزعاطيط عن مشاهدتها ، حوار ركيك، ينتهي بتوجيه تحذير من تعاطى الرشى او السباحة في الانهر ، النماذج كثيرة ، بلا لون وطعم ورائحة ، لكنها تكلف الجهات المعلنة مبالغ طائلة تدفع من اموال الدولة ، لا تخلو من شبهات فساد ، يقف وراءها من يصر على ترويج السذاجة بأبشع صورها .
توجد في العراق جهات متخصصة بانتاج الاعلان لاتقل كفاءة عن نظيراتها في المنطقة ، تمتلك كوادر فنية تتمتع بخبرة واسعة بامكانها ان تنتج اعلانا في اقل تقدير يقنع المشاهد ويحقق اهداف الجهة المعلنة ، طبقا للعاملين في هذا المجال فانهم يعانون تجاهل الجهات الرسمية ، فهم لا يخضعون الى شروط الوسطاء فاقتصر نشاطهم في مواسم الدعاية الانتخابية .
منتصف عقد تسعينات القرن الماضي شهدت الساحة الفنية انتاج مئات المسلسلات البدوية تم تسويقها الى عمان بطلب من اردنيين ، كانوا يرسلون تلك الاعمال الى جهات اجنبية تعمل عليها الدوبلاج لتظهر العرب متخلفين على الرغم من امتلاكهم النفط ، الحضارة لم تطرق ابوابهم ، يفضلون الاقامة في الصحراء مستخدمين السيوف والخناجر في قتالهم بسبب ضياع بعير او هروب ابنة شيخ القبيلة مع عشيقها الى ديار اخرى ، جريدة الخليج الامارتية نشرت وقتذاك تقريرا موسعا يسلط الضوء على استخدام جهات اجنبية المسلسلات البدوية العربية والعراقية بشكل يتضمن "الاساءة الى العرب" ، على الرغم من ذلك لم ينحسر انتاج هذا النوع من المسلسلات ، لأنها تلبي رغبة جمهور واسع من المشاهدين الباحثين عن ماضيهم الجميل في الصحراء .
السذاجة في الاعلان شكلا ومضمونا ، تسفر عن نتائج عكسية ، تؤكد تجذر التخلف في عقول المسؤولين في الجهات المعلنة ، فهل يعقل ان يصدق الوزير او رئيس الهيئة ان اعلانه يحقق اهدافه ام انه استعان بآراء مستشاريه" الوسطاء" فاقتنع بأقوالهم بان الاعلان سيكون قنبلة الموسم ، بمحاربة الفساد والقضاء على الامراض المستوطنة في العراق ؟!
إعلانات الجهات الرسمية اصبحت مصدرا للتندر ، تحتاج الى "حزمة اصلاحات" لعلها في اقل تقدير تلفت انتباه المشاهد ليستجيب لمضامينها ، اما الاصرار على السذاجة فهو شكل آخر من الارهاب الفكري بما يحمل من مخاطر تخرب الذائقة بقصدية ، تجبر العراقيين على العيش في خراب شامل ، فاين المفر من القبح المستشري في كل مفاصل الحياة ؟ اين اجراءات الحكومة في الحد من هدر المال العام على انتاج سيناريوهات السذاجة.
سيناريو السذاجة
[post-views]
نشر في: 7 أكتوبر, 2015: 09:01 م