اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الأوبئة والجراثيم .. وجـوه جديدة فـي المسلسل اليومي

الأوبئة والجراثيم .. وجـوه جديدة فـي المسلسل اليومي

نشر في: 11 أكتوبر, 2015: 12:01 ص

بعد أن امتدت مسارات المبازل لتجتاز خارطة المناطق السكنية وهي تفرض نفسها وفق منطق صُناع القرار في المحافظة حلاً وحيداً لمشكلة مياه الأمطار والمياه الجوفية التي ظلت تهدد منازل المواطنين بالطفح بصورة مستمرة. وفي الوقت الذي نجحت فيه هذه المبازل في امتصاص

بعد أن امتدت مسارات المبازل لتجتاز خارطة المناطق السكنية وهي تفرض نفسها وفق منطق صُناع القرار في المحافظة حلاً وحيداً لمشكلة مياه الأمطار والمياه الجوفية التي ظلت تهدد منازل المواطنين بالطفح بصورة مستمرة. وفي الوقت الذي نجحت فيه هذه المبازل في امتصاص انفجار المياه الجوفية كما عبـَّر مختصون عن ذلك تحولت في الوقت ذاته الى بيئة آمنة لمختلف أنواع الأوبئة والجراثيم بعد ان اصبحت مخزنا كبيرا للمياه الآسنة حيث قام الغالبية من سكان المنازل المحاذية والقريبة لهذه المبازل بتحويل مياه المجاري من منازلهم اليها لتتحول الى بحيرات للمياه الآسنة في وقت يشير هذا الواقع الى أن ملامح الكارثة البيئية والصحية التي بدأت تلوح في الأُفـق.

 

الثقافة البيئة وأجهزة التبريد
المواطن علي كاظم من أهالي منطقة أبو غرق أوضح لـ(المدى): لم أكن أتخيل أن ثقافة بعض المواطنين قد انحدرت الى هذا المستوى ليقتلوا أنفسهم بأنفسهم فكيف لا يقدر الناس خطورة هذه التصرفات وهم يحوِّلون مياه المجاري الى المبازل المحاذية لمنازلهم ليتحول ذلك الى تهديد خطير لحياة الاطفال خصوصاً.
اما المواطنة سولاف علي فقالت: قد يجهل بعض الناس التبعات السلبية لهذه التصرفات، مبينة هذه العملية ترتبط الى حدٍ بعيدٍ بالثقافة العلمية والتعليمية والبيئية لهم، مستدركة: لكن كيف يحتمل هؤلاء المواطنون الروائح الكريهة المنبعثة من هذه المبازل وهي تختلط مع نسمات الهواء التي يستنشقونها؟
فيما أوضحت المواطنة سارة صباح: لكي نستنشق تلك الرائحة لا يتوجب علينا أن ننزل الى الشارع، بل ان أجهزة التبريد متطوعة تتكفل بهذه المهمة حيث تقوم بنقل الرائحة الكريهة الى غرف النوم ما جعل بيوتنا أماكن غير صالحة للسكن وهي تسبب إزعاجاً متواصلاً لنا.

الميثان والتربص بحياة المواطن
أكــد متخصصون أن التدفق المستمر لمياه المجاري الى هذه المبازل سيجعلها بؤرة للجراثيم ومختلف أنواع الغازات الملوثة للبيئة ومما زاد من حجم الكارثة ان مياه المبازل هي مياه راكدة ما يجعلها أكثر أمنا لنمو بيوض البعوض والعديد من الجراثيم الناقلة لمختلف أنواع الأمراض! وفي الوقت الذي بدت فيه جيوش الجراثيم تقترب من اسوار المنازل بصورة تدريجية مهددة حياتهم ما زالت الحكومة المحلية في المحافظة غارقة بمشاكلها الأمنية والسياسية حتى بـدا هذا الموضوع غائباً وبشكل كلي عن سلم اهتماماتها ومما زاد الطين بلة قلة التخصيصات المالية للمحافظة ماجعلها تستغني عن الكثير من المشاريع الخدمية الضرورية .
الدكتور الكيميائي عبدالله عبيد اشار بحديثه لـ(المدى) ان تواجد المياه الآسنة في المبازل بهذا الشكل سيؤدي تدريجيا الى تكوين العديد من الغازات المؤثرة بشكل مباشر على صحة الانسان ومنها غاز الميثان (ch4). مضيفا: حيث يتكون هذا الغاز نتيجة لوجود احتباس حراري مرافق لتراكم المياه الآسنة، موضحاً: انه يعد من الغازات القاتلة إذ ينفجر عند اختلاطه بالهواء كما يسبب ارتفاعا حادا في درجات الحرارة.

الموت أو الكوليرا والتيفوئيد
واضاف عبيد: كما يُعد من الغازات الخانقة التي تحل محل الاوكسجين كما ويعمل على تكوين تفاعلات تتسبب بانتاج غازات اخرى مؤثرة على حياة الانسان. وبشأن درجة تأثيره على حياة الإنسان قال: انها تتراوح ما بين إلحاق الموت بالمصاب او إصابته بأمراض مختلفة كالتيفوئيد والكوليرا وفي حال بقاء المياه الآسنة بهذه الصورة من دون معالجات فان المخاطر الصحية والبيئية الناجمة عنها لا يمكن التنبؤ بها وتداركها، ناصحاً الأهالي عدم تغطية هذه المبازل كعلاج مؤقت للخلاص من منظرها غير المحبذ ولتحجيم رائحتها الكريهة لان ذلك سيساعد على تحقيق ظاهرة الاحتباس الحراري وبالتالي تكوين غاز الميثان الذي سيهدد حياة الناس لاسيما الأطفال الذين لا يدركون حجم المخاطر الهائلة جراء الاقتراب من هذه المياه.

بيئـة بابل تطالب ولكن ؟!
الحكومة المحلية وأصحاب المنازل شركاء في الكارثة وهم يتحملون المسؤولية على حدٍ سواء. إن تفاقم هذه الأزمة الى الحد الذي اخذت فيه تهدد حياة المواطنين ولاسيما الاطفال وتترك أثراً سلبياً على الناحيتين البيئية والصحية أثار حفيظة عدد كبير من المواطنين الذين وجهوا هجوماً لاذعاً على كل الأطراف المعنية بهذه المشكلة من المسؤولين والمواطنين أصحاب المنازل المتسببة بهذه القضية!
مدير إعلام بيئة بابل حيدر كاظم أكد لـ(المدى) أن هذه الظاهرة تشكل أكبر المكاره البيئية والصحية التي ألقت بظلالها على صحة الانسان لما تحمله من مخاطر محدقة، مبينا: ان المياه الآسنة تحتوي الكثير من الملوثات البيئية والاحيائية والبكتيرية اضافة الى الروائح الكريهة اضافة الى تحولها الى حاويات كبيرة للنفايات واماكن للطمر الصحي غير شرعية او قانونية. واضاف عبيد: كما انها تشوّه منظر المدينة الذي ما عاد ينقصه شيء لذلك، وتعكس صورة سلبية عن طبيعة الحياة في المدينة. منوّهاً: انه تم طرح الموضوع كثيرا في جلسات مجلس حماية وتحسين البيئة إلا أننا لن نلمس التجاوب المرجو الذي يتناسب مع حجم الكارثة ولم نرَ إلا تلكؤاً واضحا في تنفيذ المشاريع الرائدة في مجال البيئة.

مياه الأمطار والجوفية
واشار كاظم: الى غياب البرمجة العلمية والموضوعية في تنفيذ المشاريع حيث ان حفر هذه المبازل وبهذه الطريقة جاء لاستيعاب مياه الامطار والمياه الجوفية، مشدداً: أن الذي يحصل الآن من إفرازات سياسة النظام المباد حينما قام بتجفيف الاهوار وافتتاح نهر "القائد" او ما يُعرف بالنهر الثالث ما أدى الى وجود هذا الكم الهائل من المياه الجوفية. مؤكدا: ان تفاقم هذه المشكلة هو غياب شبكات الصرف الصحي ليؤدي ذلك الى حدوث نضح كبير داخل المنازل وعدم الأخذ بنظر الحسبان التبعات السلبية بيئيا وصحيا لهذه المبازل على حياة الناس.

نـداء ورسالة ومنزل للبيع
فيما وجهت احدى المواطنات وهي تسكن بالقرب من هذه المبازل نداءً عاجلا الى اصحاب الشأن في الحكومة المحلية بالتحرك السريع لمعالجة هذه الظاهرة وربط هذه المبازل بشبكة مجارٍ كبيرة وعدم ترك الموضوع يخضع لمزاجات واجتهادات أهالي المناطق الذين أوصلوا الأمور الى ما هي عليه الآن.
كما عبرت مواطنة أخرى عن غضبها الشديد جراء تفاقم هذه الظاهرة حيث طالبت اهالي المنطقة مرارا وتكرارا بعدم تحويل مياه المجاري الى هذه المبازل، منوهة: انها حذرتهم من خطورة هذه التصرفات الا ان تلك النداءات قوبلت برد فعل بارد وساخر احيانا ومما زاد من استيائي الشديد جراء هذه المشكلة أني بت لا استطيع بيع منزلي والانتقال الى منطقة أخرى. مستطردة: ان فرصتي بهذه الرغبة قد تقلصت كثيرا فإنه بمجرد ان يأتي المشتري ويرى هذه المناظر ويشم تلك الروائح فإنه سيلغي فكرة شراء المنزل مباشرة!
ووجّه المواطن عبدالحسن سلمان رسالة شديدة اللهجة الى الحكومات المحلية المتعاقبة التي مرّت على محافظة بابل والتي تجاهلت ابسط الخدمات وتلاعبت بأرواح ومقدرات الناس تاركة الكثير من الامور والظواهر تحت رحمة الثقافة المتدنية للمواطن. مسترسلا: هذه الانتقادات بالاخص الى الحكومات السابقة حيث كانت ميزانية المحافظة قادرة على تغطية كل المشاريع الخدمية، بل أنها قادرة على ما هو أكثر من ذلك لكن للاسف الفساد والسرقة كان لهما الدور الأكبر في تلك الأموال !!

السيولة المالية السبب !
سبق وان اعلنت دائرة مجاري بابل عن توقف العمل بمشروع مجاري الحلة الكبير الذي يربط شبكات الصرف الصحي وشبكات الأمطار بـ60 حياً بسبب عدم وجود التخصيصات المالية، ولفتت إلى أن وزارة التخطيط وافقت من قبل على تخصيص 400 مليار دينار من ميزانية تنمية الإقاليم لتنفيذ شبكات المجاري ضمن المشروع.
وقال مدير مجاري بابل، محمد جاسم الزكم، في حديث لـ (المدى برس) ان سبب توقف العمل بمشروع مجاري الحلة الكبير خصوصاً الجزء الخاص بالخطوط الناقلة الكبيرة، الذي تنفذه وزارة البلديات هو عدم وجود التخصيصات والسيولة المالية جراء التقشف الذي تمر به البلاد. مضيفا: ان وزارة البلديات احالت مشروع مجاري الحلة الكبير (الخطوط الناقلة) بمرحلتين الى شركتين محليتين لغرض المباشرة بالتنفيذ، التي تتضمن الأولى إنشاء الخطوط الناقلة الرئيسة من مجسر الثورة وحتى مجسر نادر والتي بلغت نسبة الإنجاز فيه 16%.

أهم مشروع لكنه متوقف ؟!
وأشار الزكم إلى أن المرحلة الثانية من المشروع تتضمن انشاء الخطوط الناقلة الرئيسة من مجسر نادر وحتى محطة المعالجة المركزية في المعيميرة ووصلت نسب الانجاز الى 23%. مؤكدا: أن توقف العمل سيؤخر تنفيذ أهم مشروع خدمي في المحافظة التي تنتظره منذ سنين، كونه سيخلص الحلة من مشاكل الصرف الصحي ومياه الامطار وغرق الأحياء.
ولفت مدير مجاري بابل الى انجاز 90% من مشروع معالجة مياه الصرف الصحي ضمن المشروع في منطقة المعيميرة على طريق الحلة - ديوانية، من قبل شركة صينية متخصصة وبكلفة بلغت 103 مليارات دينار. عاداً: مشروع مجاري الحلة من أهم مشاريع وزارة البلديات في محافظة بابل كونه يربط جميع شبكات الصرف الصحي وشبكات الأمطار بمدينة الحلة التي تضم اكثر من 60 حياً سكنياً في الحلة وبطاقة تصريفية تتجاوز الـ100 ألف متر مكعب يومياً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طلب 25 مليونا لغلق قضية متهم بالمخدرات.. النزاهة تضبط منتحل صفة بـ"موقع حساس"

أسعار صرف الدولار في العراق

محاولات حكومية لانتشال الصناعة العراقية من الاستيراد.. هل ينجح الدعم المحلي؟

اكتشاف مقابر جماعية جديدة في الأنبار تفضح فظائع داعش بحق الأبرياء

فوائد "مذهلة" لممارسة اليوغا خلال الحمل

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram