في ناحية جنوبية عمل عثمان القادم من كركوك بداية عقد الخمسينات من القرن الماضي موظفا صحيا في المركز الطبي ، فكان الافندي الوحيد في المدينة ، ارتبط بعلاقة طيبة برجالها ، عرف عنه انه كان يحتسي مساء كل يوم العرق المستكي مع ندمائه في حديقة منزله ، يجلبه الشرطي مطر من مركز القضاء ، تقليد عثمان اليومي انتقل الى شباب الناحية ، فسجلت حوادث شجار وارتفاع اصوات بعد منتصف الليل ، بعد ان وسع مطر الشرطي نشاطه في تلبية رغبات الزبائن في الحصول على المنكر بأسعار يفرضها بمزاجه ، الاقبال على احتساء المستكي جعل مطر يخزن كميات كبيرة في بيته الطيني القريب من منزل الموظف الصحي عثمان .
وجود صناديق المستكي في خرابة مطر الشرطي ، اثارت انتباه ابنائه الاربعة ، وبتشجيع من زملائهم حصلت اول حالة خرق ، حين سرق كبير الاشقاء قنينتين ، لقضاء سهرة ممتعة بقرب بركة راكدة خارج الناحية ، انتهت السهرة بحمل احد ابناء مطر الشرطي الى بيت الموظف الصحي لإسعافه فخضع لغسل المعدة مع نصيحة بالابتعاد عن تناول الخمر او الالتزام بأسلوب حضاري يجيده الافندية حصرا وليس ابناء مطر الشرطي .الحادث لم يمر بسلام تلك الليلة ، فشن مطر صولة على ابنائه السكارى مستخدما حزام بدلته العسكرية بجلد ظهور الابناء وسط صراخ مرتفع سمعه كل اهالي الناحية .
بعد الحادث قرر الموظف الصحي احتساء المستكي داخل بيته بمفرده استجابة لنصيحة زوجته للابتعاد عن القيل والقال ، وقناعتها بان "مشروب الملوك " بحسب وصفها تعرض للانحطاط لانه وصل الى ابناء مطر الشرطي ، فأساءوا تناوله ، حتى كثرت مشاكلهم ومشاجراتهم ، استدعت تدخل وجهاء الناحية للضغط على مطر بترك تجارته ، او مقاضاته بتهمة بيع الخمور، اثر ذلك فقد الشرطي مصدرا ماليا اضافيا ، فقرر شراء سيارة" قجمة "من مخلفات الجيش البريطاني يتولى قيادتها اكبر الابناء لتعمل بنقل محاصيل الفلاحين من القرى القريبة الى مركز الناحية ، بعد مرور اكثر من شهر فشل المشروع ، لان الابناء كانوا ينفقون الوارد في قضاء سهرات ليلية باقامة موائد تحتوي ما لذ وطاب من الطعام والشراب .
الشرطي مطر فارق الحياة اثر تعرضه لنوية قلبية ، قبل وفاته اعترف امام زوجته بارتكاب ذنب لا يغتفر حتى لو غسلوه بماء زمزم لعمله ببيع الخمور ، وفشله في تربية ابنائه ، بعد عام من رحيل مطر ، انتهى المطاف بالقجمة عربة يجرها حمار تنقل التبن ، رفض الابناء تسليم سلاحه الشخصي الى مركز الشرطة بذريعة فقدانه ، باستحواذهم على مسدس المرحوم راودهم احساس بانهم امتلكوا جناحا عسكريا يؤهلهم لتنفيذ حوادث تسليب للحصول على مورد مالي يلبي شراء بطل مستكي .
ابناء مطر الشرطي اصبح كل واحد منهم تحت نجمة ، انقطعت اخبارهم ، لكن سلالتهم ظهرت في مناطق شهدت حوادث سرقة وتسليب واختطاف ابرياء للحصول على فدية مالية ، نم قرير العين مطر الشرطي .