TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رسائل الارض المحتلة

رسائل الارض المحتلة

نشر في: 10 أكتوبر, 2015: 09:01 م

كتبت في العمود السابق عن انقسام في الوجدان العراقي، هو بمثابة تقسيم عقلي وذهني وعاطفي للعراق، بحيث ان التقسيم اذا حصل على الارض فعليا فسيكون ترجمة لما جرى في المشاعر والاحاسيس. وقد ذكرت ان اكبر دليل على حصول التقسيم هو اننا في ما تبقى من العراق، لا نبدي اهتماما كافيا بما يحصل في العراق الذي احتلته داعش. لذلك جرى قطع المرتبات عن نحو ٣ مليون عراقي هناك، ولم يحصل الامر على اهتمام في نقاشاتنا العامة، يوازي خطورة ان تجوع ٤٠٠ الف عائلة.
وقد تسلمت رسائل من بلدات وجيوب تحاصرها المعارك، بعضها يقدم معلومات معروفة وبعضها غير معروفة، لكنها مما يستحق في الاوضاع الطبيعية ان يحظى باهتمام الصحافة المحلية، على مدار الساعة.
رسالة مؤلمة وصلتني من "حديثة" كاتبها يقول "نحن اسرى في مدينتنا التي صمدت امام داعش، فكان جزاؤها ان يحجز اهلها ويمنعوا من الخروج، رغم فقدان كل مقومات الحياة".
تقول الرسالة ان داعش تمنع دخول اي مادة اساسية الى حديثة. والاسعار تغري المجازفين بسلوك طرق بديلة لجلب المواد، لكن بعض الجند والمسلحين الفاسدين يفرضون اتاوات، فترتفع الاسعار بجنون: كيس الطحين انخفض سعره الان الى 500 الف دينار! وقد وصل قبل ذلك الى مليون دينار. كيلو البطاطس 10 الاف، حتى ان البصل ارتفع سعره قبل فترة الى 25 دينار الف. البنزين حاليا ب6 الاف للتر وقد وصل قبل ذلك 28 الف.
يضيف: الوضع الانساني الصعب يدفع الناس للهجرة من حديثة، ولكن من يجازف ويهرب متخفيا عبر الصحراء يقع بيد داعش ويحتجز في هيت، او يتيه ويقتله الضمأ.
اما من الموصل فيخبرني احد القراء ان الناس هناك تريد ان تبيع اثاث البيت كي تعيش بعد انقطاع المرتبات عن الاف الموظفين. لكن لا احد يشتري منهم، اذ لا احد يمتلك المال. والسوق صار فنطازيا كبرى. فالسيارة من موديل 2013 كان سعرها 27 الف دولار، لكنه صار الان اقل من 10 آلاف، ومع ذلك لا احد يشتريها حتى لو عرضت بالأقساط. اما ما يثير الاستغراب اكثر فهو ان الرواتب قطعت عن اهل الموصل النازحين الى كردستان ايضا، لا على من بقي عند داعش فقط.
كل هذه معلومات بحاجة الى متابعة وفهم، لا للشفقة على الناس هناك، ولكن لان المفاجآت قد تجعل اي عراقي معرضا ليجد نفسه في لحظة، داخل حصار من نوع ما، وداخل جوع من شكل ما، وداخل حيرة من نحو ما، فاسباب الفشل والانهيار لا تزال على حالها. وأول اسباب الانهيار اننا شعب تتبادل طوائفه وجماعاته اللعنات والشتائم على مدار الساعة. كل جماعة تقول للاخرى: تستحقون ما حصل لكم واكثر! نعم، وحين تقسو الارواح تركد العقول وتتبلد، لتزدهر ألعاب صغار البقالين من كل الطوائف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram