اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > الحروب تركـت أثـرها على جبين البلـد البيئي..الكـوليـرا الوبـاء الثالث بعـد الإرهاب والفسـاد !

الحروب تركـت أثـرها على جبين البلـد البيئي..الكـوليـرا الوبـاء الثالث بعـد الإرهاب والفسـاد !

نشر في: 12 أكتوبر, 2015: 12:01 ص

لم يستطع الطفل احمد القادم مع ذويه من تلعفر ومجموعة من النازحين الذين يسكنون في مخيمات تقع شمال مدينة النجف من إكمال فرحة والديه المهشمة بدخول عامه الدراسي الأول، بعد أن هرب مع عائلته من موت محقق، انتظره موت آخر وأقام له حفلا من دمع، انتظرته الكوليرا

لم يستطع الطفل احمد القادم مع ذويه من تلعفر ومجموعة من النازحين الذين يسكنون في مخيمات تقع شمال مدينة النجف من إكمال فرحة والديه المهشمة بدخول عامه الدراسي الأول، بعد أن هرب مع عائلته من موت محقق، انتظره موت آخر وأقام له حفلا من دمع، انتظرته الكوليرا وحطمت كل ما بقي من احلام لهذه العائلة المفجوعة، بعد ان عاد من السباحة وسط بركة مياه محفورة قرب المخيم متهيئاً للذهاب مع أبيه للتسجيل في إحدى المدارس القريبة من مخيمهم، ليلتها لم يستطع النوم بسبب ما أصابه من إسهال حاد وبعد ثلاث ايام فارق الحياة في احدى مستشفيات المدينة، إلآمر هذا ليس محصورا فقط في مخيمات النازحين شمال مدينة النجف بل تعدى الأمر الى كارثة حقيقية تهدد مدن العراق بكباره قبل صغاره.
 
أرقام وإحصائيات متغيـِّرة
مدير الصحة العامة حسن هادي، ذكر أن مستشفيات بغداد والمحافظات سجلت خلال الايام الماضية قرابة (41) إصابة جديدة بمرض الكوليرا، مبينا ان هذه الاصابات جاءت بواقع 12 حالة في الرصافة ببغداد، بالاضافة الى تسجيل 7 حالات في قاطع الكرخ. 
واضاف هادي: أن محافظة الديوانية سجلت 8 حالات والمثنى 11 حالة والنجف 3 حالات، مبينا أنه لم يتم تسجيل أي وفيات بالمرض خلال الايام الماضية، منوها: أن العدد التراكمي للاصابات بمرض الكوليرا في بغداد وعموم المحافظات بلغ لغاية الآن 1302.
عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية صالح الحسناوي عزا ارتفاع نسبة الإصابات بمرض الكوليرا الى قلة توافر المياه الصالحة للشرب.وقال: ان سبب انتشار وباء الكوليرا لعدم توفر المياه الصالحة للشرب. عادا ذلك مؤشر تقصير على وزارة الاشغال والبلديات لعدم اهتمامها بصلاحية ونقاء المياه؟ 
ولفت الحسناوي الى ان عدد المصابين بمرض الكوليرا في تزايد حيث وصل الى ألف مصاب وألف ومئتي حالة وفاة. موضحا:ان هذا المرض ينتقل عن طريق المياه وخاصة مياه الآبار التي يستخدمها الأهالي في بعض المناطق.
 
كشف مبكـر
تسعى منظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة العراقية، على إنشاء مركز للكشف المبكر عن الإصابة بالكوليرا في العراق.وبهذا الخصوص فقد صرح ممثل منظمة الصحة العالمية في بغداد ألطاف موساني في وقت سابق: أن المنظمة الدولية ستقدم أيضا لقاحات ومعدات طبية تساعد الحكومة العراقية على الحد من انتشار المرض، مضيفا: نحن نعمل مع وزارة الصحة لنصب مركز تنسيق مشترك للكوليرا، وهذا سيمكننا من متابعة انتشار المرض بشكل أسرع وأوسع، بالإضافة لذلك نحن نقدم تجهيزات طبية كافية لمعالجة الحالات الموجودة، كما ناقشت منظمة الصحة العالمية مع الحكومة العراقية خيارات إعطاء لقاحات الكوليرا للمجاميع المعرّضة أكثر من غيرها لخطر الإصابة بالكوليرا سواء من اللاجئين أو النازحين. كما أكدت منظمة الصحة العالمية بضمان حصول المواطنين على مياه الشرب غير الملوثة في المناطق التي تنتشر فيها الكوليرا، واستدرك موساني بحديثه: نحن نعمل عن كثب مع شركائنا للتأكد من توفير المياه للمناطق الموبوءة، وهذا يتم عن طريق فرقنا والدوائر المحلية، إضافة لذلك نحن نعمل على التأكد من سلامة هذه المياه.
 
الأرض الحـرام
التأكيدات الرسمية من المصادر الحكومية ونفيها أصبح اليوم شبيهاً بالوقوف في منطقة الرماد ما بين سلم وحرب، ابيض او اسود، فكل تأكيد يجابهه نفي من مصدر آخر، حتى مدراء المستشفيات الحكومية يتجنبون اليوم التصريحات الصحفية عن واقع الإصابات المؤكدة لمرض الكوليرا وعن كميات العلاج المتوفرة، وبعد شــدٍ وجذبٍ يأتي التصريح منافياً لواقع المستشفيات وما تعانيه من تكتيم اعلامي حول هذا الموضوع، إلا إن اغلب المعلومات تشير إلى مشاكل المياه في البلاد والارتفاع الكبير في درجات الحرارة في الفترة الاخيرة، كان له تأثير كبير على انتشار فيروس الكوليرا.
وإن البيان الذي أصدره وزير التربية محمد إقبال قد أكد إستفحال مرض الكوليرا ، فقد جاء في بيانه إن الوزارة قررت تأجيل الدوام الرسمي للعام الدراسي الحالي وللمرحلة الابتدائية فقط الى تاريخ 18 من تشرين الأول، مضيفا إن هذا التأجيل جاء كإجراء وقائي لحماية أطفالنا من مرض الكوليرا، ومن أجل منح فرصة مناسبة لوزارة الصحة لإكمال استعداداتها وإجراءاتها الوقائية في مدارسنا كافة.
 
موجات وبائية 
تحذو وزارة الصحة حذو المتوخي من انتشار المرض والخوف من تفشيه إلا إنها عاجزة عن توفير العلاج وإيقاف حـدوث الإصابات وإيجاد الحلول الجذرية لهذه الظاهرة فقد حذر معاون مدير عام دائرة الصحة محمد جبر في وقت سابق من تناول الأطعمة مجهولة المصدر، داعيا المواطنين إلى العزوف عن شراء الأطعمة من الباعة المتجولين ، مضيفا إن وزارة الصحة والمؤسسات المعنية تقوم بـمتابعات مستمرة في هذه المجال.
إلا أن الدكتور شريف سعد راضي قد أوضح لـ(المدى) أن الكوليرا هو احد الأمراض الانتقالية التي من الممكن ان تظهر بموجات وبائية وهي على ثلاثة أنواع: النوع الأول ينتقل عن طريق الجهاز التنفسي والنوع الثاني ينتقل عن طريق الجهاز الهضمي أما النوع الثالث فينتقل عن طريق الوسيط من الحيوانات والحشرات، موضحا: انها من الأوبئة المتوطنة في العراق في الوقت الحاضر مرض الكوليرا الذي بدوره يكون على ثلاثة أنواع أيضا حسب المكروب (vibrio) هي: الاول ضمات الطور والثاني ضمات اوكاوا والثالث ضمات سيكو. مضيفا: لحسن الحظ في العراق الموجود هو ضمات الطور وهي من ابسط واخف الانواع تستجيب للعلاج بنسبة 10% تقريباً.
 
الوقاية خيرٌ من العلاج
واستطرد راضي: أما النوعين الآخرين خطيرين ونسبة الوفيات عالية خاصة نوع سيكا يترجمليابس او جاف بمعنی يكون من دون إسهال او قيء. ونوع الطور وأعراضه اسهال مائي يشبه فوح التمن وتقيؤ، اول موجة منه ظهرت في نهاية الستينيات من القرن الماضي واستمرت الی بدايات السبعينيات للقرن نفسه .
وأضاف الدكتور شريف سعد راضي: توطنت الكوليرا بعدها واصبحت تظهر سنويا ليس بشكل وباء وإنما حالات قليلة ومحدودة تزداد أحيانا نسبة لتحسن او رداءة الخدمات الصحية والوقائية. مؤكدا: إن اغلب هذه الأمراض تحتاج الی برامج استئصال لكي لا تتكرر سنويا ما يكلف البلد خسائر بالأروح واستنزاف خزينة البلاد، لهذا أكثر دول العالم ترفع شعار الوقاية خير من العلاج.
 
موت وسط مهاترات سياسية !
اعتاد العراقيون أن يتحملوا كل أنواع الكوارث والمصائب ويخرج المسؤول الحكومي منتقدا جهات سياسية ويرمي الكرة في ملعب السياسة تاركاً المواطن يتحمل مسؤولية ما يحصل، ولهذا السبب يعزو د.سعد طه لـ(المدى) أن انتشار مرض الكوليرا أخيرا في العراق يعني إهمال وعدم اكتراث الحكومة المتعمدين بإعادة بناء البنية التحتية التي دمرها النظام المقبور السابق. موضحا إن مرض الكوليرا (الهيضة) كما هي الحال مع مرض التيفوئيد ينتشر بسبب عدم توفر مياه مُنقاة ومُعقمة تكون صالحة للشرب وعدم وجود شبكات صرف مياه صحي. مشيراً: بالرغم من انه نادراً ما يبقى المصاب حاملا لهذا المرض لسنوات عــدة حيث تنتقل البكتريا منه عن طريق البراز إلا أنها تشكل خطورة على الصحة العامة اذا لم تتوفر المياه الصالحة للشرب وظروف المعيشة الصحية، مستدركا: وهذا ما لا يتوفر حتى في مركز العاصمة بغداد حيث تنتشر المزابل في كل مكان وهو المكان الأفضل لتكاثر الذباب الذي يُسهم في نقل بكتريا الكوليرا الى الطعام.
واشار طه إلى أن هناك مصدرا آخرا لانتشار المرض وهو السفر، فالهند والباكستان وبنغلاديش هي مناطق موبوءة بالكوليرا، منوهاً الى فترة الحضانة لمرض الكوليرا تقدر من ساعات عــدة الى خمسة أيام حيث تظهر أعراض المرض على شكل غثيان وقيء وإسهال شديد يشبه ماء الرز ومن هنا تأتي خطورة المرض إذ يفقد المريض كمية كبيرة من الماء والأملاح. 
 
الصحة والنظام السياسي
وعن العلاج اللازم لهذا الوباء ذكر د. سعد طه: اما علاج المرض فيتركز بالدرجة الأولى على تعويض الماء والاملاح المفقودة عن طريق الوريد وبسرعة وبالدرجة الثانية يعطى المضاد الحيوي وهو في العادة التتراسايكلين الذي يستخدم أيضا في الوقاية من المرض الى جانب اللقاح الذي لا يعوّل عليه كثيرا لأنه غير مضمون. مضيفا: ان هناك أمراضا شبيهة بأعراض الكوليرا تسببها حالات أخرى مثل التسمم الغذائي والاسهال البوبائي وكذلك الملاريا اضافة الى التسمم بمواد أخرى. وأكد د. سعد في اختتام حديثه على أهمية إصلاح النظام السياسي الذي سيؤدي بنا الى كوارث جمة، ففي ظل النظام الحالي شهدنا الإرهاب وفقدان الموصل والرمادي وغيرهما ونحن نقف اليوم على حافة التقسيم الذي يمثل مصالح روسيا وأميركا! أخيراً أقول: أن لا وجود لصحة حقيقية من دون وجود نظام سياسي صالح. 
 
ماذا بعـد اللقاحات ؟
منظمة الصحة العالمية أرسلت 200 الف جرعة لقاح الى العراق لمكافحة مرض الكوليرا بحسب ما أعلنه مكتب رئيس الوزراء، وجاء في بيان اطلعت عليه المدى، أن رئيس الوزراء حيدر العبادي وجه وزارة المالية بالتنفيذ الفوري لمقررات خلية إدارة الأزمات المدنية الخاصة بمرض الكوليرا، مضيفا: انه في ضوء متابعة رئيس الوزراء لتقارير حالات الكوليرا وجه عددا من الوزراء والمسؤولين بتنفيذ ومتابعة الإجراءات العلاجية، كما أمر باتخاذ إجراءات فورية لضمان توفر مادتي الكلور والشب لحصول المواطنين على المياه الآمنة. مؤكدا: انه ومساهمة منه مع الجهود الوطنية أعلنت منظمة الصحة العالمية عن إرسال ٢٠٠ الف جرعة للقضاء على وباء الكوليرا.
تعليق: نسبة الى تصريح وزيرة الصحة، إن اعتدال الأجواء وانخفاض واعتدال درجات الحرارة من أهم أسباب تفشي الكوليرا، وإن هذه الفترة تصاحبها إصابات بالمرض. تـُرى هل سننتظر عودة الكوليرا في الخريف المقبل ونعود الى لعبة الأرقام والتصريحات المتضادة ؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طلب 25 مليونا لغلق قضية متهم بالمخدرات.. النزاهة تضبط منتحل صفة بـ"موقع حساس"

أسعار صرف الدولار في العراق

محاولات حكومية لانتشال الصناعة العراقية من الاستيراد.. هل ينجح الدعم المحلي؟

اكتشاف مقابر جماعية جديدة في الأنبار تفضح فظائع داعش بحق الأبرياء

فوائد "مذهلة" لممارسة اليوغا خلال الحمل

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram