نجم عبد الكريم.. في صبيحة 14 تموز تفجر زلزال في العاصمة العراقية بغداد، ما زالت حممه تتطاير حتى هذه الساعة, وأحدث تغييرات استمرت آثارها منذ ذلك التاريخ عندما بدأت المجازر و التي تمثلت في صراعات داخلية, و مواجهات بين الأطراف المتصارعة,
راح ضحية لها عدد من خيرة رجالات العراق إثر محاكمات شكلية تحكمت فيها حالات من الفوضى, و تأليب الأحزاب ضد بعضها البعض ، فكان القتل و السحل و الدمار الذي عاشه العراق عقب الإنقلاب في سنواته الأولى ... .. ولم تخمد آثار ذلك الزلزال عند الصراعات الدموية الداخلية فحسب, و انما جرت المنطقة إلى حروب مع الجيران, فكانت الحرب مع إيران التي تجاوز عدد ضحاياها المليون كائن بشري, و أوقعت المنطقة بخسائر اقتصادية فادحة, و على إثر صيحات دولية .. ساهمت فيها معظم شعوب العالم هدأت تلك الحرب التي استمرت لأكثر من ثماني سنوات, و إذا بحرب ثانية تتفجر عندما عمد ساسة بغداد الى القيام بمغامرة دموية أخرى, تمثلت في غزو الكويت وإحتلالها... و لم يكتفوا بهذا فحسب و إنما وجهوا صواريخهم نحو مناطق متعددة .. وما زالت المنطقة وفي مقدمتها العراق نفسه تعيش آثار تلك الزلازل السلبية والمدمرة على نفسية إنسان المنطقة !!و لعله من الغريب أن تحتوي الوثائق البريطانية التي أرّخت لهذا اليوم – ( 14 ) تموز – من بغداد عبر الرسائل السرية التي أُفرج عنها منذ سنوات .. تحتوي على نبوءات تحقق معظمها.لنلقي نظرة على عدد من الرسائل التي خرجت من بغداد صباح ذلك اليوم, والتي تحتوي على إشارات واضحة للنتائج التي وصل إليها العراق إثر زلزال ( 14 ) تموز المدمر !! الرسالة الأولى:مستعجل جداً من م. رايت السفير البريطاني في بغداد.1- إذاعة بغداد في يد الحكومة الجديدة منذ الساعة ( 5 ) صباحاً حيث أعلنت قيام الجمهورية العراقية بحكومة على رأسها عبد الكريم قاسم, و تضم بعض الشخصيات المدنية أمثال صديق شنشل, ومحمد حديد.2- ليست لدينا معلومات عن الملك .. و الوصي عن العرش, و نوري السعيد .. و المعارك لا زالت مستمرة بالقرب من قصر الرحاب و هو المقر الرسمي لإقامة الملك.3- قسم الدائرة القنصلية التابع لسفارتنا يقع الآن تحت حصار من قبل حشود جماهيرية حيث التظاهرات عمّت مناطق بغداد .. و قد تم اختفاء الشرطة المكلفين بحراسة الدائرة القنصلية.4- وجهنا النصح لكافة أعضاء الجالية البريطانية و عوائلهم أن يبقوا في بيوتهم.ملاحظة:انقطعت الاتصالات كافة مع السفارة في تمام الساعة ( 9 ) صباحاً بسبب اقتحام مبنى السفارة من قبل المتظاهرين." كانت هذه الرسالة سرية للغاية وموجهة الى وزارة الخارجية البريطانية"... وعلى إثر ذلك الحدث في صبيحة اليوم الرابع عشر من تموز.. ساء التوتر بين المعسكرين الغربي والشرقي, حيث قامت الحكومة الأمريكية بإنزال لقوتها البحرية التابعة لأسطولها السادس في لبنان.. كما قامت قوات المظلات البريطانية بإنزال في الأردن منطلقة من قبرص.. و حذر ( نيكيتاخروشوف ) سكرتير الحزب الشيوعي السوفياتي من أي تدخل عسكري في العراق, و بدأت مناورات للجيش الروسي على الحدود مع تركيا, و ذلك كإعلان للإيرانيين و الأتراك بعدم استخدام اراضيهما لمهاجمة العراق من قبل قوات المعسكر الغربي... ..نعود إلى الوثائق البريطانية التي أرّخت لذلك اليوم:لنجد رسالة سريعة للغاية موجهة من السير بوكر السفير البريطاني في أنقرة إلى وزارة الخارجية يقول فيها :أ – السفارة البريطانية دُمرت تماماً و نُهبت و سفير صاحب الجلالة وعقيلته الآن في فندق بغداد تحت المراقبة .. السفير التركي اتصل مع سفير صاحبة الجلالة وعلم منه بأن رئيس قسم الإدارة في السفارة البريطانية قد قُتل !!ب- الجنرال الداغستاني قد اعتقل في مدينة ( بعقوبة ) !ج – استناداً لبعض التقارير فإن فاضل الجمالي قد قُتل!د – ليس هناك معلومات عن توفيق السويدي!هـ - هنالك إعلان رسمي واحد أشار إلى ان الملك قد قُتل !!و – استناداً الى شائعات من مصادر مختلفة تؤكد أن نوري السعيد قد هرب !!ز – أخبرتني وزارة الخارجية التركية استناداً إلى إذاعة اسرائيل أن الوصي على فالعرش لا يزال يقاوم في قصره !.. والواضح جداً من البرقيات التي أرسلت من بغداد صباح ذلك اليوم إن الصورة لم تكن واضحة للجميع بدليل ورود بعض الأخطاء والتي ثبت عدم صحتها فيما بعد كـ مقتل فاضل الجمالي, بل إن مجلس الوزراء البريطاني الذي عقد جلسة خاصة في مساء ذلك اليوم خصّصها للبحث فيما يحدث في العراق, ورد على لسان وزير الخارجية (سلوين لويد ):" أن المعلومات تشير الى أن الملك فيصل قد سُمح له بالفرار بعد أن تم حجزه, في حين أن ولي العهد ونوري السعيد قد قُتلا."ونجد كذلك أخطاء أخرى وردت في رسائل سرية اُرسلت من بغداد إلى كل من واشنطن وأنقرة وطهران .. وكلها تحتوي على معلومات ليست دقيقة !فهذه الرسالة مثلاً ارسلها السير ( رالف ستيفنس ) السفير البريطاني في طهران, تحتوي على معلومات مصدرها وزارة الخارجية الإيرانية:( سري للغاية ).. أدناه معلومات تتعلق بأحداث الـ ( 24 ) ساعة ا
اسرار عراقية في ملفات الحكومة البريطانية
نشر في: 10 يناير, 2010: 03:48 م