في لقاء تلفزيوني مع مدير المسارح في دائرة السينما والمسرح سمى المسرحيات الكوميدية او (الفارس) التي تقدمها بعض الفرق او المجموعات وبالعامية الدارجة شعبية وكأن مسرحية مثل (هذيان الذاكرة) التي اخرجها هو بنفسه اومسرحية (المومياء) التي اخرجها هو ايضاً ليست شعبية. لا اريد ان ادخل في التعريف العلمي للمسرح الشعبي واكتفي فقط بالقول ان المسرحية الشعبية هي التي تعكس معاناة وطموحات ابناء الشعب وتطلعهم نحو مستقبل افضل من جهة ومن جهة اخرى اجتذابها لأعداد غفيرة من محبي الفن المسرحي سواء كتبت المسرحية باللغة القياسية ام باللغة العامية او حتى بالشعر فمسرحية عراقية مثل (بغداد الأزل بين الجد والهزل) والتي قدمتها فرقة المسرح الحديث اوائل السبعينات من القرن الماضي والتي ألفها (قاسم محمد) واخرجها هو وباللغة الفصحى والمعتمدة على التراث الادبي العربي، انما هي مسرحية شعبية مائة بالمائة وهي ايضاً تجمع بين الجد والهزل وتعبر عن الام الشعب المقهور في زمن مضى وفي بغداد العامرة. ومسرحية مثل (البيك والسايق) التي اعدها الشاعر (صادق الصائغ) وباللهجة العراقية عن مسرحية بريخت الالماني (برتولد بريخت) بعنوان (السيد بونتيلا وتابعه ماتي) واخرجها للفرقة القومية للتمثيل اوائل السبعينات ايضاً هي الاخرى شعبية وليس فيها ما يضحك الجمهور بل يدهشه عامل (التغريب) الذي يسود شكلها ومضمونها.
ومسرحية مثل (ثورة الزنج) التي كتبها شعراً الشاعر الفلسطيني الراحل (معين بسيسو) واخرجها (سامي عبد الحميد) لطلبة اكاديمية الفنون الجميلة اواسط السبعينات وفيها مقارنة بين اسباب ونتائج ثورة الكادحين الزنج وثورة الشعب الفلسطيني المقهور واستلاب ارضه، انما هي مسرحية شعبية بحق وحقيق لكونها تعكس صراع الثوار مع الفئة الباغية وتستجيب لمطامح ابناء الشعب في التحرر ورفع الظلم. وماذا عن مسرحية عواطف نعيم (دائرة العشق البغدادية) المأخوذة عن مسريحة بريخت (دائرة الطباشير القوقازية)؟
لا يا سيدي مدير المسارح ، ارجوك لا تسمي تلك المسرحيات التي لا هدف لها سوى اضحاك المتفرجين مسرحاً شعبياً وان اجتذبت اعماله جماهير غفيرة ، ومثل هذا الاجتذاب لوحده لا يمكن ان نسميه مسرحاً شعبيا بل سمه ما شئت، سمها مسرحيات كوميدية او مسرحيات هزلية او سمها تسليات مسرحية حيث التسلية تصبح وسيلة وهدفاً لصانعيها ولا ضير في ذلك حيث انها صنف من اصناف فنون العرض ومثلها موجود في شتى انحاء العالم الى جانب المسرحيات الشعبية ذات الشكل الممتع والمحتوى الهادف.
مرة اخرى اكرر القول ان الفن المسرحي الاصيل لا يمكن ان يكون لفئات كبيرة من المتفرجين بل هو ذلك الذي يتوجه الى متذوقيه وقد يكونون في هذا البلد فئة قليلة بينما يكونون في بلد آخر فئة اكبر وكلما كان البلد متقدماً في حضارته وثقافته كلما ازدادت اعداد متذوقي مسرحه حيث يقومون على مشاهدة هذه المسرحية او تلك سواء أكانت شعبية ام غير شعبية، سواء أكانت موجهة لفئة كبيرة من الناس ام موجهة للنخبة ، سواء أكانت فيها عناصر كوميدية ام لا.
مرة اخرى اكرر القول ان المسرح الشعبي هو غير المسرح التجاري فهذا الاخير لا يهمه إلا رصيد الشباك مستخدماً شتى الوسائل لزيادته ، في حين ان المسرح الشعبي لا تهمه الزيادة في رصيد الشباك بل الزيادة في اعداد متذوقيه ، والمسرح التجاري غالباً ما يتخلى عن القيم الفنية لصالح اجتذاب الجماهير الغفيرة حتى لو تنازل في عروضه الى مستوى رغباتهم بدون ان يفكر في رفع مستوى ذائقتهم.
هل المسرحيات التي تضحك الجمهور وباللهجة شعبية لوحدها؟
[post-views]
نشر في: 12 أكتوبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...