1-2
الدورة السادسة عشرة لمعرض الكتاب الدولي في كوستاريكا التي انطلقت في عاصمة البلاد سان خوزية من يوم الجمعة المصادف 18 أكتوبر حتى يوم الأحد المصادف 27 أكتوبر، شارك فيها 238 عارضاً محليين وآخرين قادمين من بلدان أخرى، الحصة الكبيرة منهم جاءوا من بلدان أميركا الوسطى. لايهم أن المعرض يحمل صفة العالمية، إلا أن القائمين عليه، لا يخفون أنه في المقام الأول نافذة يطل من خلالها الناشرون من بلدان أميركا الوسطى، غواتيمالا، السلفادور، هندوراس، نيكاراغوا وبنما على سوق الكتاب، ومناسبة لتبادل خبرات النشر فيما بينهم، طبعاً هناك مشاركة أميركية لاتينية، أوروغواي، الأرجنتين، المكسيك، تشيلي، وأخرى كاريبية، كوبا، جمهورية الدومينكان، جامايكا، إلا أن نسبة المشاركات هذه تظل ضئيلة مقارنة بزملائهم القادمين من بلدان أميركا الوسطى.
نظرياً هناك سوق مشتركة، واتحاد على غرار الاتحاد الأوروبي، لكن من الناحية العملية لم تنجز البلدان الست التي تشكل ما يُطلق عليها أميركا الوسطى على أرض الواقع، الشروط والمتطلبات التي تجعل حركة هذا السوق والمواطنين حرة، كما هي الحال في قارة أوروبا، والأكثر غرابة هو ما يتعلق بحركة الكتاب والضرائب المترتبة عليه وتكاليف شحن الكتاب بين هذه البلدان، وحسب تصريح أغلب الناشرين الذين تحدثت معهم، فإن شحن كتاب إلى أوروبا هو أقل تكلفة من شحنه من غواتيمالا إلى السلفادور مثلاً، رغم أنهما بلدان جاران، ناهيك عن الريبة التي تنظر فيها سلطات هذه البلدان إلى الكتاب، "الكتاب مريب ومتهم"، وذلك يعود لإرث الديكتاتوريات العسكرية السابقة التي تجد في الكتاب، أي كتاب، وسيلة للتخريب، ومحرض على الثورات، من ناحية إجراء مثل هذا يمنح للكتاب قيمة معنوية، افتقدتها أوروبا وأميركا منذ قرون، لكن من الناحية الأخرى، يشل حركة تبادل الكتاب كبضاعة، ومن أجل تجاوز هذه المحنة، حاول بعض الناشرين تشكيل دور نشر مشتركة ليس من أجل تخطي هذا الحاجز، بل لكي يشجع ذلك الداعمين على تقديم المعونات لترجمة وطبع الكتب أيضاً، لكن الصعوبات التي يواجهها هؤلاء بحركة تناقل الكتب فيما بينهم، أو في تكاليف الطباعة المكلفة في هذا البلد أكثر من ذلك، لكي لا نقول افتقاد الثقة المطلقة بين بعضهم، سواء باختلاف طريقتهم بالعمل، أو سواء بحصة كل منهم من الدعم أو من المبيعات، أمر جعلهم يدخلون بتنافس أحياناً، رغم حاجتهم بعضهم البعض، الأمر الذي جعل المشروع يظل في النهاية مجرد حلم على الورق.
مشكلة الكتاب في أميركا الوسطى هي سياسية في المقام الأول، لأن حركة تنقل الكتاب تخضع لنفس ميكانزم حركة تنقل الاشخاص، الذي نظرياً هو حر، لكن عملياً معقد، رغم أن هناك برلماناً "صورياً" يجلس في العاصمة الغواتيمالية غواتيمالا سيتي، لكن تظل سلطته محدودة، فكوستاريكا مثلاً التي تعيش من أسطورة أنها "سويسرا" أميركا الوسطى، هي عملياً أكثر البلدان الستة استقراراً، فهي الوحيدة التي تعش حروباً أهلية أو ديكتاترويات عسكرية، ومن الناحية الاقتصادية متفوقة على أخواتها، كما أن نسبة الأمية فيها تكاد تكون صفراً، ليس من الغريب، أنها مكان جذاب للمستثمرين ولليد العاملة المهاجرة، قرابة مليون مهاجر فقط من نيكاراغوا يعملون هنا، تفاقم الهجرة وتزايد نسبة البطالة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي وصلت كوستاريكا أيضاً، حيث نسبة العطالة بين الشباب قاربت 22%، طبعاً هذا هو الرقم الرسمي، الرقم الذي يختفي خلفه بالتأكيد أكبر، ذلك ما جعل كوستاريكا تغلق حدودها، ليس من السهولة على سكان البلدان الأخرى الدخول إليها. وذلك ما يصعب دخول الكتاب أيضاً.
يتبع
زيارة لمعرض الكتاب الدولي في كوستاريكا
[post-views]
نشر في: 13 أكتوبر, 2015: 09:01 م