TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العيد العاشوراء والمدرسة

العيد العاشوراء والمدرسة

نشر في: 13 أكتوبر, 2015: 09:01 م

أكثر من أسبوعين مرت على نهاية العيد، وهذا الشهر المحرم يطل بمناسباته وعطله الكثيرة علينا. لم يدخل طلابنا مدارسهم بعد. الاسر وإدارات المدارس لم تتوصل إلى حلول ناجحة من جعل الدوام المدرسي يبدأ عند نقطته التقليدية في الأول من أيلول او حتى من منتصفه، وها نحن نتجاوز العشرة الأولى من تشرين الأول دونما علامة واضحة على بداية الدوام. صورة المدينة في الشارع والسوق تبدو وكأن لا بداية للدوام هذا العام، فالسوق تهيأ للعاشوراء قبل تهيئته للمدرسة. لم يمض على نهاية عيد الأضحى سوى بضعة أيام حتى سارع باعة الأعلام الحسينية والصور ومستلزمات العزاء الأخرى من قماش وسلاسل وسيوف بنصب أكشاكهم وسط الأرصفة وبين الطرق والأزقة الضيقة حتى، في تزاحم واضح لكسب المزيد من المتبضعين، لكن المشهد الذي استوقفني هو أن البعض ممن يقيمون خيامهم بدعوى أنها مواكب عزاء راح محتلاً الرصيف ليس في العاشوراء إنما على مدار السنة، بعد أن قام ببناء الدكة والمذبح والتلة والمنبر من الطابوق والسمنت ثم تجاوز على مقرنصات الرصيف يثقبها لينبت بيارقه عليها في مشهد يستوقف المارة ويعرضهم لخطر السيارات لأنه لم يبق من الرصيف شيئا لمرورهم. وقد يبدو هذا طبيعيا، لكن ان ينصب أحدهم خيميته قبالة المدرسة فهذا ما لا تبحثه مديرية التربية مع احد هنا، هي تخشى. نعم تخشى. في البصرة، المدينة التي يشترك فيها أبناء الطائفتين-السنية والشيعية- منذ مئات السنين في تقاسم العيش الآمن المشترك، نجد اليوم من بين أبناء الطائفة الشيعية من يقوم بنصب خيمة موكبه امام المسجد السني، ويجعل من مكبرة الصوت عائقا امام مصلي المسجد وقت الظهيرة وعن صلاة المغرب، فضلاً عن تجاوزات أخر لا سبيل لذكرها من خلال الخطب والاناشيد التي تبث من مكبرة الصوت بما يكرس من الفرقة والطائفية في وقت أحوج ما نكون فيها للم الشمل والمصالحة بين الطائفتين وبناء المجتمع على أساس المواطنة وحب الآخر المختلف . لم تحرك مديرية تربية البصرة ساكنا ازاء ما يُكتب ويُعلق من يافطات على أسيجة المدارس فيها، يافطات تحث على العنف ضد المرأة والتقليل من شأنها وأخرى تتوعد من تضع الماكياج ومن تتخلف عن صلاتها فضلاً عن اليافطات والصور التي تنبعث منها روائح الطائفية وكراهية الآخر. وكيف تحرك المديرية هذه ساكنا وهي في أدنى مراحل تراجعها بعد أن تدنت نسبة النجاح فيها إلى ما دون الـ 40% ونصاب بالخيبة نحن أبناء الخمسينات والستينات من القرن الماضي إذا دخلنا ذات المباني المدرسية التي درسنا فيها ذات يوم أي قبل نحو من نصف قرن، فلا المدرين ولا المعلمين بالصورة التي كانوا عليها أساتذتنا آنذاك. لقد تراجعت الصورة كثيرا. في فعل يشبه ذلك، يرى مستعملو الطريق بين البصرة والزبير أن باعة الماشية قاموا بقطع أشجار الاكينوكابرس التي غرستها البلدية أيام محافظ المدينة المرحوم محمد مصبح الوائلي على الرصيفين، ليجعلوا من أغنامهم مرئية ومشاهدة من قبل المشترين، في استعراض يعاينه المسؤولون في المحافظة كل يوم دون أن يستوقفهم التجاوز الصريح هذا على اموال الدولة وحق المواطنين في المساحات الخضر. ومن يقف على ذلك يرى بأم عينه كيف أن هؤلاء ينحرون الاضاحي وخراف المناسبات على الرصيف وكيف يتم رمي بقايا الذبيحة هنا وهناك. أما مشاهد قضبان البيارق والمخيمات والصحيات التي تبنى على الطرق من الطابوق والسمنت والصفيح كل عام ثم تترك سنة كاملة فهذا ما لا يحرك ضمير البلدية او أي مسؤول في الحكومة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram