تزامناً مع حلول أيام عاشور وإحياء ذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام ، وتجديد إطلاق صرخته "هيهات منا الذلة" ضد الطغاة وكل مظاهر الاستبداد ، ملايين العراقيين سيحيون الشعائر في ظل اوضاع سياسية متوترة ، فيما تواصل القوات المسلحة تنفيذ عمليات عسكرية لتحرير مدن في محافظات الانبار وصلاح الدين من سيطرة تنظيم داعش ، ايام عاشوراء ربما ستحفز الكثيرين على تجديد مطالبهم بإجراء اصلاحات جذرية لتحسين الاداء الحكومي والسياسي لمعالجة اخطاء السنوات الماضية ، خلفت تداعياتها ازمات مستعصية، تتطلب من النخب المتصدية للعملية السياسية بلورة موقف موحد لحلها ، بتضافر جهود مجلس النواب والسلطتين التنفيذية والقضائية خلال سقف زمني محدد ، غير قابل للتأجيل والترحيل الى الدورة التشريعية المقبلة لتأكيد حقيقة ان الاطراف المشاركة في الحكومة الحالية داعمة للاصلاح بالقول والفعل وليس عن طريق التصريحات الاعلامية ، وإلقاء الخطب والمواعظ .
الشارع العراقي توصل الى قناعة، بأن حركة الإصلاح اصبحت بطيئة لم تشخص الداء بشكل حقيقي ، فضلا عن ذلك اكد رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي عرقلة تنفيذ الاجراءات الاصلاحية ، متهما جهات سياسية مشاركة في حكومته بالوقوف وراء العرقلة لم يحددها بالاسم كعادة كبار المسؤولين في الابتعاد عن إثارة مشاكل قد تؤدي الى اندلاع ازمة سياسية جديدة .
الجهات السياسية المنزعجة من استمرار التظاهرات المطالبة بالإصلاح ،ستحاول جعل ايام عاشوراء فرصة لتجديد ثقة قواعدها الشعبية بزعمائها ، من خلال ابراز دورهم الكبير في تعزيز الديمقراطية ورسم ملامح مستقبل العراق المشرق كما تزعم ، وكعادتها في سنوات سابقة ستسخر وسائل اعلامها في بث تقارير مصورة تظهر قياديي الحزب وممثليه في البرلمان والحكومة يحيون شعائر عاشوراء بارتداء الدشاديش السود ، يسير خلفهم رجال الحماية بعرباتهم المدرعة ، في مواقع التواصل الاجتماعي ،عشرات الصور تجسد هذا المشهد في مسلسل وضع خاتمته المتظاهرون اصحاب المصلحة الحقيقية في تحقيق الاصلاحات بإجراءات عملية ، وليس عن طريق اقامة حلقات اللطم ثم رفع الدعاء ليكون الزعيم السياسي الفلاني رمزا وطنيا فذا لم ينجب التاريخ مثيله.
صرخة أبي الاحرار "هيهات منا الذلة " تحولت الى شعار يصلح لكل زمان ومكان ، لا يقتصر على فئة محددة بل امتد الى مجتمعات اخرى وجدت في معانيه بذرة ثورة ضد مظاهر الاستبداد والهيمنة على السلطة ، الشاعر المصري الراحل عبد الرحمن الشرقاوي ، استلهم المعنى وجسده بمسرحيتين ، ثأر الله والحسين شهيدا ، أما الرسام العراقي الراحل كاظم حيدر فتعامل مع واقعة الطف من زاوية اخرى بإنجازه ملحمة الشهيد ، الشاعر العراقي الراحل محمد علي الخفاجي ابن مدينة كربلاء له مسرحية بعنوان "ثانية يجيء الحسين " حملت عنوانا يثير استفزاز السلطة وللفنان عزيز خيون وزوجته عواطف نعيم تجربة في تناول الواقعة ، ساحة التحرير في بغداد خلال ايام عاشوراء بإمكانها ان تستوعب نشاطات فنية وادبية لإحياء تلك المآثر لتقطع الطريق امام من يقيم حلقات اللطم لتأكيد دعمه للإصلاح بطريقته الخاصة .
"لطمية" الإصلاح
[post-views]
نشر في: 16 أكتوبر, 2015: 09:01 م