التصريحات المتواترة المنشورة عبر الصحف والفضائيات ، على لسان المتحدث الرسمي للسلطة القضائية ، الأستاذ عبدالستار البيرقدار ، حول إخلاء سبيل اكثر من اربعة عشر الف موقوف ومحتجز .. تستدعي وقفة جادة ونظرة ثاقبة لاحتواء تداعياتها الكارثية وضرورة إعادة النظر في طرق ووسائل التوقيف والاحتجاز !
تضمن التصريح : انه تم الإفراج عن ما يقارب الألف محتجز لم تثبت إدانتهم مما نسب إليهم ، الرقم المعلن يغطي الشهر الماضي فقط !!
نواصل قراءة تصريح السيد البيرقدار ، اما مجموع من أُطلق سراحهم حتى الآن ، وخلال الأشهر الماضية فيبلغ (١٤٣٦٧) والمحاكم تعمل بانسيابية عالية لحسم اكبر عدد من الدعاوى المعروضة امامها .
يااااااه .
الرقم الهائل أعلاه ، خلال مدة قصيرة ليس رقما يُستهان به او يمكن تجاهله او يغض الطرف عنه ،الطامة الكبري أن كثيرين من المطلق سراحهم أبرياء ، سيقوا بالظن او الكيد او الشبهة ، وفي آحسن الأحوال إحتجزوا : سهواً او غلطاً بالاسم او اللقب او الكنية .
ما الذي يعوض الموقوف البريء الذي لم يرتكب جناية او جنحة او حتى مخالفة ، عن فترة توقيفه ولو لشهر واحد ، فما بالك بسنة او سنوات ؟! كيف نرد له اعتباره المنتهك ؟ وما مصير من تركهم خلفه — بلا عائل او معيل — ؟
وما الذي — وهذا بالغ الخطورة — يشفيه من الشعور ( الطبيعي ) بالغبن والحيف غير الرغبة العارمة بالانتقام؟
…………
خبر إطلاق سراح الموقوفين الأبرياء ، عاد بي القهقرى لهوس قديم ، اعتراني في اوائل الثمانينيات ودفع بي لزيارة سجناء الأحكام الثقيلة في سجن ابو غريب وسجن النساء وإصلاحية الأحداث . لاستباق فترة إطلاق السراح والبحث عن سُبل ووسائل تأهيل المطلق سراحهم . بإعادتهم للعمل وتخليصهم من صفة : سجين سابق ، وتحسين حال عائلته المتشرذمة بعد سجنه .
# برغم أن إطلاق سراح الموقوف البريء والمحتجز بالظن او الكيد او الشبهة ، غاية سامية بحد ذاتها ، إلا أن الغاية النبيلة القصوى تتجلى في : كيفية احتواء السجين البريء ، نفسيا واجتماعيا واقتصاديا ، بعد إطلاق السراح ّ وزجه ثانية كعنصر فاعل في مجتمعه...
وبغير هذا … تكون جنايتنا عليه مضاعفة ، لقد احتجزناه — بريئاً — بالشبهة او الظن او الكيد ، وحرمناه من فرصته للعيش حراً ،سوياً لنخلق منه كائناً حاقداً ، ساخطاً ، لا منتمياً ، لنرقبه مجرماً حقيقياً ، لا مكان له إلا خلف القضبان .
سجناء أبرياء
[post-views]
نشر في: 18 أكتوبر, 2015: 09:01 م