TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تظاهرة صغيرة من أجل فلسطين

تظاهرة صغيرة من أجل فلسطين

نشر في: 19 أكتوبر, 2015: 09:01 م

شاركت، الأسبوع الماضي، في تظاهرة صغيرة من أجل فلسطين في مركز العاصمة البريطانية، لندن، في ضاحية همرسميث، ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة، في القدس وقريباً من القدس.كنت مضطرباً، غاضباً كثيراً، عاطفياً قليلاً، "رابط الجأش" أكثر مما ينبغي وأنا أرى، على مبعدة عشرين متراً، تقريباً، تظاهرة إسرائيلية مضادة رفع فيها الصهاينة (لا اليهود) صور محمود عباس باعتباره قاتلاً وإرهابياً.. لكنهم كانوا دهاة، أكثر منّا، برفع العلم البريطاني، في حركة مزايدة مكشوفة حتى على البريطانيين أنفسهم، ونحن أيضا "بريطانيون" لكن "بريطانيتهم" ذات تاريخ موغل في التواطؤ و"بريطانيتنا" حديثة العهد حتى بتظاهرة صغيرة يحميها شرطة بريطانيون!.كنت متوجساً من آيديولوجيا فلسطينية دينية (إسلامية) لا تختلف عن دينية الدولة الإسرائيلية، كأن ترفع لافتات ضد اليهود، مثلاً، أو أن ترتفع هتافات "إسلامية" ونحن في وضع صار فيه الإسلام مثار جدل وتهمة وريبة!لكن، لم يحدث شيء من هذا، فثمة لافتة فلسطينية كبيرة، واضحة المعالم، حتى من بعيد، أي أن جماعة نتيناهو، المتظاهرين هنا، بمقدورهم قراءتها، وهي مكتوبة بالإنكليزية (هتافاتنا كانت بالإنكليزية، أيضاً).. تقول اللافتة: "اليهود ضد النازية.. لكن الصهيونية نازية".. تطامنت وفرحت.رجل في السبعين من عمره كان أنشط المتحدثين (الهتافين) سألت عنه فقيل لي: إنه يساري بريطاني يهودي.. قلت له: وجه مكبرة الصوت نحو متظاهري نتنياهو وليس نحونا، فنحن لا نحتاج إلى تحريض.. وتذكرت محمود درويش الذي رفض أن يقرأ قصيدته "سجل أنا عربي" أمام جمهور عربي بعد خروجه من الأرض المحتلة.كان السبعيني يرتجل كلاماً واضحاً وموجزاً ومعبراً: "إن شعباً يضطهد شعباً آخر لا يمكن أن يكون حراً" والعبارة لكارل ماركس.سيدة فلسطينية تجلس على كرسي (لأنها تسير بعكازين) كانت مؤثرة، إذ قالت: "إسرائيل دولة إرهابية". هذه الجملة مثيرة للجدل في "اللغة" البريطانية.. فنحن أيضا "إرهابيون" من وجهة نظر بعض البريطانيين، فهمست في إذنها، ملقناً: "إنهم يقتلون الأطفال والنساء الحوامل ولدينا صور فوتوغرافية تثبت ذلك، حسب وكالات الأنباء العالمية".. إدراكاً مني بأن الجانب الإنساني والأخلاقي أكثر تأثيراً من السياسي.. فرددت ما لقنتها إياه.. حرفياً.وضعت يدي على قلبي عندما هتف مراهق فلسطيني: "تكبييييييير"!اختطلتُ، داخلياً، وتداعيتُ.. أنا العراقي المطرود من وطني أتظاهر في لندن من أجل فلسطين.اقتربتُ أكثر (من ذي قبل) من فلسطين، عام 1967، خلال الحرب العربية الإسرائيلية ولم تكن الجيوش العربية قد هُزمت في إعلام العرب، بينما هي مهزومة منذ أيام!المراهق الشيوعي، المرشح لعضوية الحزب الشيوعي العراقي – القيادة المركزية، الذي هو أنا، لم يكن يفهم في السياسة غير جانبها الإخلاقي: الوقوف ضد الظلم، أيا كان مصدره ومسببه.. حتى داخل الحركة الشيوعية: ألم يكن حصان جنكيز إيتماتوف "غوليساري" شيوعياً مظلوما؟لا أدري هل أن مجيء الفرد من الثقافة إلى السياسة مثلبة أم منقبة؟لم أفهم، وقتها، مثلاً، كيف يقف بلد أرنست همنغواي ومارلين مونرو وهنري ميلر (كنت عرفت هؤلاء للتو!) إلى جانب دولة عنصرية وفاشية، تدعى إسرائيل، تحتل أراضي الفلسطينيين، العزل، المطرودين بقوة السلاح و(شتى السبل) من بلدهم، مرة ثانية، بعد عشرين عاماً على طردهم الأول، عام 1948، وحقيقة الهزيمة العربية المدوّية لم تعلن بعد، بل إن مانشيت الصحيفة العربية، وبالخط الأحمر العريض، الذي جعلني أصفق يقول: "الطائرات العربية تدك قصر سلمان شازار رئيس دويلة العصابات الصهيونية" – هكذا كتبوه "سلمان" وهو "زلمان" المهاجر الروسي رئيس إسرائيل للفترة 1963 – 1973.لكن الفضيحة أعلنت وحار العرب في تسميتها حتى اهتدوا أخيراً: "نكسة حزيران" أو: "خسرناها معركة ولم نخسرها حرباً" ما أوسخكم أولاد الـ....ما زلت أؤمن بالموقف الأخلاقي ضد الظلم، رغم "التباس" فلسطين السياسي و "حساسية" العراقيين ضد ياسر عرفات "حليف" قاتلهم صدام حسين وانخداع "بعض" الفلسطينين ببالونات صدام حسين على تل أبيب.. فلسطين، عندي، خارج هذا الالتباس.السياسي قد يفرقنا والأخلاقي/الإنساني يوحّدنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمودالثامن: في محبة فيروز

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram