عادل العامل فازت الروائية الاسترالية الانكليزية الشابة إيفي وايلد بجائزة جون رايز في لندن على عملها الروائي ( بعد النار، صوت صغير ساكن After a Fire a Still Small Voice ) ، المكون من ثلاث حكايات عن ثلاثة أجيال من الاستراليين. و قد أجرت مجلة غرانتا Granta مقابلة بهذه المناسبة، ضمن مشروعها الثقافي لإيصال أصوات الكتّاب المبدعين.
* نأمل أن تحدثينا عن تجربتك الأدبية، أولاً من أين أنت بالضبط؟** لقد نشأتُ في بيكهام راي، بجنوب لندن، مع زيارات متكررة إلى استراليا حيث تعيش أسرة أمي. و حين كنت صبيةً اعتدتُ أن أقول للناس أنني من استراليا، محاولةً مني لأبدو أكثر أهميةً ــ لكن تلك كانت في الواقع كذبة. فأنا ثنائية الجنسية، و في الحقيقة من جنوب شرق لندن.* متى بدأتِ تكتبين القصة؟ و لماذا اخترتِ هذا اللون الأدبي؟- كنت على الدوام أود أن أكون رسامة، لكني لم أكن جيدةً في الرسم. و حين كنت في المدرسة، وجدتُ أني أتلقى نفس الرضا عن كتابة القصة القصيرة الذي أتلقاه و أنا أرسم صوري الشخصية الفظيعة ــ فقط النتائج كانت أفضل كثيراً. و قد كتبتُ في فترة المراهقة مادةً رهيبة من الواقعية السحرية حول فتيات جذّابات لديهن علاقات غرامية مع رجال شيوخٍ لهم أعمدة فقرية ملتوية.* درستِ للحصول على الماجستير في الكتابة الإبداعية في جامعة لندن. كيف ساعدك هذا ككاتبة، أو عرَّفك بالطريقة التي تكتبين بها؟ هل تظنين أن الحصول على درجة في الكتابة الابداعية فكرة طيبة؟- إن لدى عدد من الناس فِكَراً مضحكة عن الكتّاب، مثل أنهم يولدون و الروايات جاهزة في داخلهم أو شيء من هذا القبيل. فكما هي الحال مع كل شيء آخر، تتطلب الكتابة ممارسةً، و أنا أعتقد بأن درجة الكتابة الابداعية الصحيحة يمكن أن تكون نافعةً إلى حد كبير. و يبدو أن البعض يرون أن الكاتب يمضي و يضع صيغةً لرواية عظيمة في غرفةٍ في مكانٍ ما ثم يتقيَّأها في خمود، بطريقة لا إحساس فيها. إذا كنتَ كاتباً جيداً و رحتَ تحضّر لدرجة في الكتابة الابداعية، فإنك تُعطى وقتاً لتكتب و يمكنك أن تتحدث إلى كتّاب آخرين. و تقرأ كثيراً، و من خلال أخطاء زملائك تلتقط أخطاءك أنت على نحوٍ أكثر فاعليةً. لكن الأمر مفيد فقط إذا ذهبت هناك بقدرٍ معين من التفتّح. فسيكون هناك دائماً طلبة يعتبرون عملهم الابداعي كاملاً كما هو ــ و ربما هناك قلّة محظوظون يصحّ عليهم ذلك ــ لكن معظمنا بحاجة إلى الوقت و النصيحة و النقد.* إن قسم " شيءٌ ما قريب إلى السماء " من روايتك يتعلق باستراليا، و لو أنه غير محدد بها. فالقصة تتحدث عن إحساس أوسع بالغربة، و الضياع، و الاغتراب.- لقد قرأتً لعدد من الكتّاب الاستراليين، و أنا أرى أن هناك في الغالب إحساساً بالغربة أو الضياع في ما يتعلق باستراليا و المشهد الطبيعي landscape. وأظن أن المشهد الطبيعي يتلاءم مع الشخصيات التي أود الكتابة عنها، شخصيات لا يمكنها أن تُبدي نوعاً ما من الشعور الكبير بالذنب أو التراجيديا الذي يمكن أن يكون لديها.إنني أميل للكتابة عن أماكن لا أكون فيها، و هكذا فمتى عشتُ في استراليا كتبتُ عن انكلترة، و متى أكون في إنكلترة أكتب عن استراليا. أعتقد بأن الشعور بالحنين للوطن هو ما يدفعني في الكثير من كتابتي، و أنا لحد الآن لم أحدد أيّاً منهما هو وطني. * أنتِ تكتبين بشكل حيوي رائع عن الهجران و فقدان الأمل، عن الجوع إلى كل أنواع الأشياء. و أحد الأشياء التي أثّرت بي من هذه القصة هو تقمّصها العاطفي empathy. الرجال الذين يجد ليون، بطل القصة، نفسه و قد نبذ المجتمع الأوسع و حاول أن يخلق مجتمعاً منهم ــ مجتمعاً مجرداً من النساء و الأطفال. هؤلاء الرجال يرون إلى " بلدتهم " باعتبارها مُبهجة، لكن هذه البيئة غير الطبيعية قد أفسدت بطبيعة الحال الطريقة التي يفكرون و يشعرون بها. و قصتك لا تجعل من هؤلاء الرجال شخصيات كاريكاتيرية أو تحكم عليهم أبداً.- في ( بعد النار، صوت صغير ساكن )، عاد ليون من فيتنام و يحاول أن يتعايش مع الآثار الجانبية لتجربته تلك. و حين كنت أعيد البحث في الرواية، تحدثت إلى خالي الأسترالي الذي كان مجنداً و قاتلَ في فيتنام. كان عمره آنذاك تسعة عشر عاماً و كان عليه أن يقتل الناس. و عندما رجع وجد أن أحداً لا يريد أن يسمع شيئاً عن ذلك. و قد أخذه جدَّاي من المطار، و هما منفعلان لكونه لا يزال حياً، و ذهب الجميع إلى أقرب حانة للاحتفال بذلك، لكنهم، و لأنه كان بالزي الرسمي، طُردوا من هناك. و قد حاولتُ التفكير بالصمت الغريب الذي يمكن أن يحس به المرء و قد قاتل في حرب ثم توقعوا له أن يتدبر أمره من دون مساعدة، و لا حديث عن ذلك. شكراً جزيلاً. لقد تزوجت أخت جدتي رجلاً قاتل في الحرب العالمية الثانية فكان بطلاً كبيراً في العلن، لكنه في الخفاء كان يضرب زوجته. و كل واحد كان يعرف لكن ما من أحد مستعد أن يتحدث عن ذلك. إنك لا تستطيع أن تتحدث عن الأمور السيئة التي قد حدثت، و إنما البطولية فقط. و أنا مهتمة بفكرة أنه ليس الشخص هو الوحشي و إنما هي الأمور التي تحدث.* هل مجتمع الرجال في قصتك " شيء ما قريب إلى السماء " بأية حال هو ملاحظة أو تعليق منك على نوع معين من الذكوري
الروائية إيفي وايلد : امـيـل للكاتـبـة عـن امـاكن لا اكـون فيها
نشر في: 10 يناير, 2010: 05:23 م