وصلتني رسالة من احد القراء في قضاء حديثة في محافظة الانبار يشكو فيها الوضع المأساوي الذي يعيشه القضاء بعد ان طال حصار داعش له ، فالقتال مستمر بين قوات الجيش بمشاركة ابناء العشائر من جهة وداعش من جهة اخرى والحالة المعيشية تزداد سوءا بعد ان بلغ سعر كيس الطحين 400 الف دينار وارتفعت اسعار بقية المواد الغذائية والوقود وشحت الادوية ..ويقول القارئ ان ابناء المدينة يواصلون صمودهم وقتالهم رافضين دعوة داعش للتفاوض معهم لدخول المدينة مقابل سلامتهم لكن منع الشاحنات القادمة الى المدينة من محافظة كربلاء من قبل عمليات الفرات الاوسط زادت الامر سوءا فهم بانتظار اية مساعدة وسائقي الشاحنات ينتظرون منذ ايام طويلة وقرروا اخيرا تفريغ البضائع وتركها عرضة للتلف بعد عجزهم عن وصول منطقة المئة وستين حيث ينتظرهم بعض من اهالي حديثة لاستقبال بضائعهم والدخول بها الى مدينتهم المحاصرة من الجهات الاخرى ..
قد تكون التعليمات الصادرة بحق الشاحنات جزءا من الخطة الامنية التي اتخذتها عمليات الفرات الاوسط خلال شهر محرم حماية لمدينة كربلاء من تفخيخ السيارات لكن هذايجب ان يشمل المركبات الداخلة اليها وليس الخارجة منها والتي يمكن ان تنقذ اهالي مدينة اختارت الصمود بديلا للنزوح فدفعت الثمن جوعا ومرضا وخسائرا بشرية ومادية نتيجة القتال مع داعش ...قد يتساءل اهالي المدينة حين يرون الجوع من ورائهم والعدو امامهم عما اذا كانت الحكومة العراقية تشعر بهم وبالكارثة الانسانية التي تنتظرهم وان كانوا جزءا من البلد وتقع على عاتقهم مسؤولية حماية مدينتهم وبلدهم بينما لايعاضدهم احد في قتال داعش والصمود امامه ..قد تختل المعادلة ويشعرون انهم بمعزل عن العراق وعليهم انقاذ انفسهم بانفسهم، وربما يدفعهم ذلك الى اليأس او الاستسلام...
قبل ايام ، نشرت مواقع التواصل الاجتماعي منشورا عن صدور امر اداري من وزارة الصحة بتغريم مواطن يعمل طباخا في مستشفى الكندي وبعد التحقيق معه مبلغ 2000 دينار عن قيمة علبتي قيمر بسبب اهماله في المحافظة عليها وثبوت التهمة عليه ، واعتبر مرتادي تلك المواقع ساخرين الأمر انجازا يحسب لهيئة النزاهة بعد ان نجحت في استرداد مبلغ 2000 دينار الى خزينة الدولة بينما تسربت مليارات الدنانير من تلك الخزينة ضمن صفقات فاسدة وسرقات مفضوحة لمسؤولين كبار في الدولة دون ان تتم محاسبة السارقين او استرداد تلك المبالغ لتنتعش خزينة الدولة الخاوية ...
أمام هكذا حادثة غريبة قد تختل المعادلة ايضا ويتصور المواطنون ان الحكومة قادرة على الفقراء المستضعفين وغير قادرة على الاقوياء المحصنين ، فالسياسيون يعدون الشعب بالكلمات ان المدن المحتلة يمكن تحريرها وان من السهل القضاء على الفساد لكن الكلمات تبني جسورا في مناطق لم تستكشف بعد – كما يقول ادولف هتلر- وقضاء حديثة لايريد كلمات بل انقاذ من الفقر الذي اذا اجتمع مع الجهل والمرض يمكن ان يكفر الشعب بالدولة ويموت في النفوس كل شعور وطني ، كما ان الشعب لايريد تغريم الصغار بل محاسبة الحيتان الكبار فقيادة الناس مهمة لايحسن اداءها الا الابطال والا اختلت المعادلة وشعر الناس انهم خدعوا وانهم سلموا مفاتيح بلدهم لمن يعجز عن حمايته وهكذا وكما قال دوج لارسون قد يصبح تغيير الاقفال افضل بكثير من اعطاء السياسي مفاتيح المدينة ان لم ينجح في موازنة المعادلة واقناع شعبه !!
رسالة من حديثة
[post-views]
نشر في: 19 أكتوبر, 2015: 09:01 م