يتسلل القلق المفزع حاملاً قهر السنين لثلة من عوائل الرياضيين الراحلين ممن تركوا وراءهم تاريخاً نظيفاً ودّعهم اجساداً وخلدهم اسماءً يتباهى بهم الجميع في عفتهم وإخلاصهم وشجاعتهم بإهداء العراق نياشين البطولات، ولولاهم لما وقف الرياضي العراقي مسؤولاً كان أم رياضياً مزهواً وملتحفاً براية الوطن على منصّات المجد للالعاب العربية والدولية.
مسيرة طويلة من التضحيات خاضها رجال الرياضة عبر عقود غابرة كانوا فيها ملوكاً في المجتمع أكثر شهرة من الرؤساء الذين تعاقبوا على حكم البلد، ولم ينبس أحدهم ببنت شفة طلباً للمال أو السيارة أو عقار أو أية منفعة تشعره بالحياة الرغيدة بدلاً من مأساة القحط التي تلوعت به عوائلهم بعد مرور السنين ومتغيرات الأنظمة وتحولات الاقتصاد الجائر الذي نهشت أنيابه في أجساد الفقراء ولم يتركهم إلا جلوداً هزيلة تغطي عظام كرامتهم بإباء!
على مدى شهرين من محاولات انقاذ ضوء عينها من الإنطفاء بسبب عسر حالتها المادية، لم تفلح زوجة الراحل محمد نجيب كابان أحد أبرز رموز الرياضة العراقية للفترة (1961 - 1981) حيث يُعد مؤسساً لنادي الشرطة الرياضي وعضواً سابقاً في اللجنة الأولمبية الوطنية واتحاد الكرة آنذاك، لم تفلح من جمع المبلغ الكافي لسداد تكلفة العملية التي لا تتجاوز مليوني دينار، كل ما استطاعت جمعه نصف هذا المبلغ عبر التنسيق مع الزميلين رحيم الدراجي ود.عاصفة موسى حسب الصلاحية المخولة لرئيس اللجنة الأولمبية ووزير الشباب والرياضة اللذين أبديا موقفاً مشرّفاً مع حالتها الإنسانية لاسيما أن مرضها لم يزل يهددها بالعمى في حال عدم الإسراع بإجراء التداخل الجراحي.
إن الوضع المأساوي الذي تعانيه هذه المرأة الفاضلة التي ليس لها معين سوى ولدها الوحيد يكاد يكون واقع حال عدد من عوائل الرياضيين الراحلين الذين ليس لديهم موارد كافية لسداد قوت يومهم باستثناء الراتب التقاعدي، ونرى أن مسؤولية الاندية التي دافعوا عنها وحققوا معها انجازات كبيرة كفيلة بانقاذ هذه العوائل عبر منحة شهرية لروادها وفق توصيفات بالإمكان مراعاتها لتحقيق العدالة من حيث عدد افراد الأسرة ومصدر الدخول الشهرية وخدمة الراحل في ناديه. ويتفق معي أغلب المؤرشفين للحركة الرياضية أن هناك عدداً محدوداً من أسر الرياضيين الرواد تنطبق عليهم توصيفات مُنحة النادي (إذا ما بُلور المقترح) بعدما حُرموا من منحة الوزارة لأسباب لابد ان يعاد النظر بها في تعديلات القانون الجديد.
ما أقسى جحودك يا نادي الشرطة ، يرعاك كابان ويسهر على نشأتك الأولى ولم يبخل عليك في أقسى الظروف لكنك تُخيّب أمل أسرته بعد رحيله وتتركها فريسة للعوز؟
أهي لعنة شرطة كابان ورعيلها النجباء أن تهز ملفات الفساد أروقة النادي وتخضع للتحقيق في وزارة الداخلية بشهادة اللاعب ضرغام اسماعيل الذي كشف عن ملفه وسط إنفاق مبالغ كبيرة من ميزانية النادي على عقود كرة القدم؟
لا تعليق لدينا أكثر من رسالتنا لوزير الداخلية محمد سالم الغبان : مات اللواء محمد نجيب كابان قبل خمسة اعوام "فقيراً" إلا من كنوز طيبته ووطنيته وإنسانيته ، تاركاً وصيته لزوجته " احفظي رتبتي فهي قطعة من قلب وطني، ولا تبكي لمآلنا إذا ما غدر بكِ الزمن فأمثالنا يدفعون ضريبة النزاهة طوال عمرهم حتى يموتوا وتبقى أيديهم مبسوطة بيضاء".
لعنة شُرطة كابان
[post-views]
نشر في: 20 أكتوبر, 2015: 09:01 م