TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > غموض شفاف جدا

غموض شفاف جدا

نشر في: 21 أكتوبر, 2015: 09:01 م

يلف الغموض 3 من اكثر الملفات الحاحاً على الحكومة العراقية، في وقت توقع الجمهور انها ستكون اكثر شفافية من سابقاتها في التعاطي مع الرأي العام لا سيما في القضايا الحساسة والمصيرية.
وللمفارقة فان ساسة "العراق الجديد" يسرفون باستخدام منهج مزدوج المهام والوظائف، لدى اضطراراهم لمصارحة الجمهور حول بعض القضايا. هذا المنهج الحديث عادة ما اسميه بمنهج "الشفافية الغامضة"، او منهج "الغموض الشفاف".
وتتلخص وظيفة هذا المنهج بشرح كل ما يتعلق بموضوع او قضية ما، لكنه يبقيك بعيداً عن جوهر الحقيقة، وبالعكس ايضا فانه يتكتم على موضوع معين او قضية ما، لكن من خلال ضخ حجم هائل من المعلومات حول اي موضوع لا يرغب بكشف تفاصيله!
وهنا بامكاني الادعاء لا بل الجزم ان هكذا منهج هو ماركة عراقية مسجلة. فهو يلبي معايير الشفافية، والتي هي جزء من متطلبات النظام الديمقراطي، وفي الوقت ذاته فانه وفر الحدود الدنيا من الالتزام بالتراث الذي يحث على اتباع تكتيك الكتمان للاستعانة على قضاء الحوائج.
اسوق هذه المقدمة الارسطية المملة، لافصح عن تساؤلات تنتابني ازاء ثلاث قضايا مصيرية وملحة، لا املك لها جواباً واضحا رغم ان عملي اليومي يفرض علي متابعة "الجهر وما يخفى".
1- التحالف الرباعي:
حتى اللحظة لم تكشف الحكومة عن موقف رسمي ازاء هذا التحالف الجديد والغامض. فهي انكرته على لسان خارجيتها في نيويورك، بعد ان كشفت مصادر روسية تفاصيله. ثم عادت الحكومة ممثلة برئيسها للاعتراف بهذا الحلف قبيل مغادرة الاخير الى اجتماع الجمعية العمومية للامم المتحدة.
تصريحات كثيرة وعديدة اطلقت من اطراف متعددة تطرقت لموضوع الحلف ومهامه، لكن الغموض مازال سائدا فيما يتعلق بالموقف الرسمي منه. ففي الوقت الذي تعلن لجنة الامن البرلمانية بدء اعمال هذا الحلف، الا أن المتحدثين باسم الحكومة ينفون ذلك، ويواصلون التقليل من اهميته.
لكن مناخ الابهام الذي يحيط بالتحالف الرباعي ودوره في العراق ودور العراق فيه، لا يعني ابدا جهلنا باسباب ذلك. فكل المؤشرات تشير الى خشية بغداد من ضغوطات قد تصل الى حد العقوبة تلوح بها اطراف اقليمية ودولية فيما لو قررت التحالف علنا مع طهران وموسكو.
2- الأزمة المالية واحتياط العملة:
ملف آخر تحيطه الحكومة والجهات المعنية بتكتم وابهام مقصودين، رغم كثرة المتحدثين في الشأنين المالي والنقدي من المحسوبين على طاقم رئيس الوزراء.
ففي الوقت الذي يقر مجلس الوزراء سلما جديدا للرواتب يتصف بالتقشف والتقتير لتفادي تداعيات الازمة المالية، الا ان الانفاق الحكومي الباذخ، وبعض القرارات ذات البعد المالي لا يدلان على اننا نعيش ازمة سيولة. فالموازنات التشغيلية مازالت تضم ابواب صرف يتركز قسط كبير منها على الحاجات الكمالية، كشراء الاثاث واجهزة التكييف، ووقود العجلات التي تستخدم لاغراض شخصية وخارج اوقات الدوام الرسمي.
وفي خطوة غريبة، تعلن الحكومة، المتشكية من خواء الخزينة، اطلاق حزمة قروض بـنحو 5 ترليون دينار لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وهنا اتساءل، هل تدل هكذا خطوة على اجراءات تقشفية؟ ثم ما هو مصدر هذه الترليونات التي نزلت في جيب الحكومة فجأة، وهل هي من احتياطي البنك المركزي ام من مغارة علي بابا؟!
ايضا، لا أملك، انا والكثير من المراقبين امثالي، اجابة حكومية شافية وواضحة حول انخفاض احتياطي العملة بنحو 10 مليارات دولار منذ مطلع العام الجاري، رغم ان رئيس البنك المركزي يوزع تطميناتها بين حين وآخر.
3 – الإصلاحات:
منذ منتصف آب الماضي دخلت مفردة الاصلاح وحزم الاصلاح قاموس السياسة العراقية، واصبحت تتسيد الاحاديث والتصريحات والمواقف والاحتجاجات. لكن بعد 3 اشهر من اطلاق حزم الاصلاح، مازال مصير الاخير مبهماً، فلا العبادي نجح في تنفيذ وعوده، ولا خصومه استطاعوا اعادته الى حظيرة التوافق، ولا المتظاهرون حققوا بعض مطالبهم.
بالتأكيد هنالك اجابات حكومية حاضرة وجاهزة على كل هذه التساؤلات التي اوردتها في هذا العمود. اجابات لن ينقصها الغموض رغم شفافيتها الحاسمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram