TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المشكلة في عقلائنا وليس على المجنون حرج

المشكلة في عقلائنا وليس على المجنون حرج

نشر في: 21 أكتوبر, 2015: 09:01 م

هذا هو حال حرب انخرط فيها العراق منذ نحو ٤٠ عاما، مهما اختلفت الجبهات التي كانت مشيدة بتلال من الكذب.
يتمنى "المحاربون" ان تنقسم صفوف الخصم ويتفرق اهله الى اقسام، كي يضعف. اما داخل المواجهة الطائفية في المنطقة، فيظهر امامنا نموذج مختلف. فالسني المتحمس للقتال، لا يريد ان يصدق بوجود اتجاه شيعي معتدل يعول على دوره، سواء اليوم او غدا. وبالمقابل فان الشيعي يتمنى ان يتوحد السنة! فحين نقول له ان المجتمع السني منقسم، فريق يؤمن بداعش ولا نحاوره، وفريق مناهض لداعش يجب ان نتفهمه... فان صاحبنا يرفض ذلك، ويأخذ بتأكيد ان الحل السياسي معناه التفاوض الخياني مع داعش!
انسان الشرق الاوسط هذا، لا يتمنى ان يكون خصمه الطائفي منقسما بين متشددين ومعتدلين. يريد ان يرى السنة "موحدين" تحت راية داعش. وهي تعكس رغبة بمحو كامل للطائفة الاخرى، لان مستوى الكراهية المتبادلة بلغ حد الانفلات.
وربما يتطلب الامر ان نتفق على اننا بحاجة الى حوار مع المجانين الشيعة والمجانين السنة، الموصوفين اعلاه، لانهم مصدر المال والدم والحماسة الطائفية التي تديم النزاع وتؤججه. بيد انه يجب ان نطرح سؤالا كبيرا: هل يمكن الحوار مع المجانين الموصوفين هنا؟
ان القضية تتعقد، وتكشف لنا انه يجب التفكير كثيرا في الوسائل التي تنتج الهستيريا الجماعية الدموية داخل الجماعة السياسية. وهذا يحتاج حوارا متواصلا مع المجانين المنتجين للهستيريا. خاصة وان هذا النوع من الجنون سيقتل داخل الطائفة، اكثر مما يقتل خارجها، في معظم الحالات. ومعظم ضحايا داعش في هذه الحرب مثلا، سنة!
اننا نعتب على المجانين ونرمي بالذنب عليهم في الحرب. الا ان علينا ان نستفهم: ماذا عن عجز العقلاء؟ ففي المحصلة يمكن القول داخل مجتمع يحارب منذ نحو ٤٠ عاما، ان انصار الحرب فشلوا في الوصول الى نتيجة تستحق. لكن في المقابل فان انصار السلام لم ينجحوا ايضا في تحقيق متطلبات السلام. ومعنى هذا اننا لسنا وحسب امام مشكلة رجحان كفة الجنون على العقل، بل ان العقلانية العراقية نفسها لا تمتلك سوى طموحات بسيطة، لذلك لم تتحول العقلانية السياسية والاعتدال واللاتعصب، الى تيار اجتماعي قوي. واحد المؤشرات على ذلك ان كثيرا من الزعماء المتعقلين في كل الاطراف، يتحدثون عن التعقل بحياء شديد. ويصمتون في العديد من اللحظات الصعبة.
ولان فاتورة الحرب بالنسبة لدول فقيرة وضعيفة ومستهدفة، هي امر لا يطاق، فاننا عما قريب ربما سنجد كثيرا من المتشددين يتحدثون عن ضرورات السلام. وحين يبرمون صفقة التنازلات "الانبطاحية" سيطرح كثير من ضحايا الحرب سؤالا مدوياً: لماذا اذن لم تتصالحوا مبكرا؟ ولان المجنون "تيار، لا فرد" فانه لن يضطر لتوفير اجابة، لان هذا التيار سيأخذ استراحة قصيرة ثم يشن حرباً جديدة، كما حصل دائما معنا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram