المرحومة ام عبود فارقت الحياة بعد مرور ثلاثة اشهر على الغزوالاميركي للعراق عام 2003 . في ايامها الاخيرة ، دعت الابناء والاحفاد الى انفاق اموالها في مساعدة الفقراء والمساكين ، لعلها تحصل على الرحمة والمغفرة ، كانت معروفة في حيها البغدادي الشعبي بانها لم تطلق كلمة صدق واحدة ، فاصبح الكذب علامتها الفارقة ، فمنحها تسجيل مثل شعبي باسمها متداول بنطاق محدود ، حين يقول احدهم "وصدقت ام عبود" فهو يعني الاشارة الى كذبة من النوع المفضوح . عرف عن المرحومة انها تقول كلمة الصدق في حالة واحدة فقط ،عندما تطرق باب احدى جاراتها ، وينطلق سؤال من الداخل ، منو ؟ افتحي الباب دادة اني ام عبود ، خارج هذا الاطار لاوجود للحقائق في بث أخبار وتقارير يومية تتناول حياة اهالي الحي اليومية، تبدأ النشرة بالعناوين ثم التفاصيل ، ام فلان تعرضت في ساعة متأخرة من ليلة أمس الى ضرب مبرح من زوجها المخمور فاضطرت الى الخروج من بيتها زعلانة متوجهه الى بيت اهلها في صباح اليوم التالي ، الخبر الآخر في النشرة تناول رفض ابوفلان خطوبة ابنته العانس من واحد يريد الزواج بثالثة ، المرحومة ام عبود كانت لديها القدرة على فبركة الاخبار الخاصة بإثارة النميمة ، وبين خبر وآخر تقول "اللهم لا تجعلها غيبة".
في نسخة العراق الديمقراطية ، وسائل الاعلام التابعة لأحزاب كبيرة وصغيرة ، تمتلك مصادر تمويل فضائياتها واذاعاتها ومواقعها الالكترونية ، استعارت طريقة المرحومة ام عبود في بث الاخبار، لكن بأسلوب مختلف ينسجم مع التطورات الحديثة في وسائل الاتصال ، الاخبار تعتمد مصادر مطلعة ، واخرى رفضت الكشف عن اسمها ، احيانا تلجأ القناة الى الاتصال بمحلل سياسي لإعطاء مصداقية لخبرها ، وصدقت ام عبود .
القوى السياسية المشاركة في الحكومة الحالية جميعها بلا استثناء من زاخو الى الفاو، استعارت اسلوب المرحومة في اعلان مواقفها تجاه القضايا المصيرية ، ترفض التدخل الخارجي بكل مظاهره بالشأن العراقي ، فيما قادتها يقومون بزيارات شهرية لدول الجوار لضمان استقرار أمن المنطقة ، وصدقت ام عبود ، مع ارتفاع صوت المحتجين المطالبة بمحاسبة المسؤولين السابقين والحاليين المتورطين بقضايا تتعلق بفساد مالي واداري وسرقة المال العام ، اعلنت الاحزاب المتنفذة في الحكومات المتعاقبة براءتها من الفساد براءة الذئب من دم يوسف ، وصدقت ام عبود .
ابناء واحفاد المرحومة انفقوا اموالها في اعمال البر ، لغسل ذنوب ماضيها ، على الرغم من ان ام عبود مقارنة بمن يمتلك مواهب تجعل الفيلة تطير محلقة في السماء ، لم ترتكب الآثام من العيار الثقيل ، استعارة طريقة المرحومة في اطلاق الاكاذيب، تقليد ترسخ في الساحة العراقية فاين المفر ؟؟
وصدقت أم عبود
[post-views]
نشر في: 25 أكتوبر, 2015: 09:01 م