اتسعت في الآونة الأخيرة الاحتجاجات والتنديد ببعض القرارات الصادرة عن الحكومة أو الوزارة حتى وصل الأمر برفض البعض تنفيذ تلك القرارات خاصة التي صدرت بحق إعفاء البعض من مناصبهم حسب برنامج التقشف الحكومي كما يحدث في وزارة الصحة، اذ واجهت بعض القرارات الخ
اتسعت في الآونة الأخيرة الاحتجاجات والتنديد ببعض القرارات الصادرة عن الحكومة أو الوزارة حتى وصل الأمر برفض البعض تنفيذ تلك القرارات خاصة التي صدرت بحق إعفاء البعض من مناصبهم حسب برنامج التقشف الحكومي كما يحدث في وزارة الصحة، اذ واجهت بعض القرارات الخاصة باعفاء أو نقل مدير دائرة أو مدير قسم بالتظاهر والرفض من قبل بعض الموظفين المتحزبين خاصة. سلـَّم الرواتب الأخير وغير المعلن عن تفاصيله جوبه بالرفض كما خرج البعض من اساتذة الجامعات بتظاهرة سبقتها تظاهرة لموظفي الرئاسات الثلاث واخرى لوزارة الكهرباء وثالثة لوزارة العمل، البعض منهم هدد بالعصيان وإيقاف العمل وبعضهم الآخر هدد باستخدام طرق أخرى!
أستاذ القانون الدكتور صالح المعان ذكر لـ( المدى ) الأصل أن التظاهرات و الاعتصامات هي من الحقوق الدستورية في التعبير عن الرأي ، وهي جزء من حقوق الانسان ومن حريته في التفكير والتعبير اذا كانت سلمية ومجازة مسبقاً من الجهات المختصة حسب القانون، مبيناً: ان لكل فرد الحق في الحرية ولا يجوز الحرمان منها او تقييدها إلا وفقاً للقانون ( المادة 15 من الدستور العراقي لعام 2005 ) كما جاء في المادة 38 ايضا ما يؤكد ذلك حيث تكفل الدولة العراقية – وبما لا يخلُّ بالنظام العام والآداب العامة وهي حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل. وحرية الصحافة والطباعة والاعلان والنشر فيما أعتبر حرية الاجتماع والتظاهر السلمي يتم هذا وفقاً لقانون وينظـَّم ذلك .
واضاف المعان: لاشك ان هناك فرقا كبيرا بين الاجتماعات والتظاهرات السلمية اذا كانت مجازة من السلطات المختصة وحسب الاصول وبين التمرد والعصيان على الدولة التي تشكل جريمة طبقاً لقانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل ( المادة 364 )، مستدركاً: كما ان التظاهرات السلمية اذا رفع فيها المتظاهرون شعارات تحرِّض على قلب نظام الحكم او على الكراهية او اثارة النعرات الطائفية والمذهبية او البغضاء بين سكان العراق تشكل جريمة تستوجب العقاب طبقاً للمادة 200 من قانون العقوبات النافذ .
الهتافات غير المنضبطة
المتحدث الإعلامي في وزارة العمل عمار منعم أوضح لـ(المدى) ان حق التظاهر مكفول لجميع العراقيين سواء كانوا موظفين او غيرهم وان الوزارة ابدت استعدادها لتبني مطالب المتظاهرين من الموظفين عن طريق مساعي الوزير بايصال تلك المطالب الى رئيس الوزراء للنظر فيها بالاضافة الى توفير الحماية الكاملة لهم طيلة الثلاثة أيام الماضية التي تظاهر فيها الموظفون برغم ان تظاهرهم خارج مبنى الوزارة واثناء الدوام الرسمي، مستطرداً: انه تمت السيطرة على الوضع على الرغم من محاولة البعض من المنتمين الى جهات معينة تغييب الجانب الحضاري والمطالب المشروعة للمتظاهرين عن طريق الهتافات غير المنضبطة.
قطع الشوارع
وأشار عمار: إن إطلاق بعض الشعارات والهتافات الكاذبة وغير المنضبطة تم توثيقها من قبل الوزارة بما فيها المطالب من خلال مخاطبة رئاسة الوزراء بمجريات التظاهرات ضمن الوزارة ودوائرها ، مبيناً: أن الوزارة وجهت جميع المتظاهرين الى التظاهر ضمن حدود المجمع الوزاري وعدم اللجوء الى قطع الشوارع على المواطنين مما يشكل تهديدا كبيرا لأمن وسلامة الموظفين والمواطنين لاسيما وان الوزارة قد تعرضت للتهديد من قبل الجماعات الارهابية لأكثر من مرة وفق معلومات استخباراتية دقيقة ، لافتاً الى ان إلغاء المخصصات الممنوحة الى العاملين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لم تشمل مفتشي العمل والباحثين الاجتماعيين والعاملين في الدور الإيوائية والحراس الإصلاحيين.
التقصير الحكومي والحساب الشخصي
الخبير الاقتصادي باسم جميل يوضح في حديثه لـ(المدى) ان هناك تقصيرا حكوميا واضحا في قضية إفهام المواطنين وشرح المضامين الجوهرية لأي قرار يصدر الذي يتطلب عرضه على الجمهور بشكل علمي ودقيق عبر وسائل الإعلام، مؤكداً: على أهمية شعور المواطن بانتمائه كواجب وطني في ظل الازمة المالية التى تعيشها البلاد.
واشار جميل الى ان إصدار القرارات المهمة خصوصاً التي تمس الحياة المعيشية للمواطن تؤثر بشكل أو بآخر على الوضع العام، مستطرداً: ان هناك ردة فعل للبعض ممن يريد التعبيير عن حالة رفض معينة وفق طرق غير مقبولة كما حصل ذلك من خلال تظاهرة موظفي الرئاسات الثلاث بالاحتجاج على تطبيق سُلـّم الرواتب وهم يتقاضون مخصصات من دون وجه حق مقارنة مع أقرانهم العاملين في مؤسسات حكومية أخرى، داعياً: الجميع إلى أن يتفهم أن التظاهر والاحتجاج حق مشروع لكل مواطن لكن يجب ان نتفهم أن البلاد تعيش في مرحلة خطيرة بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية لذا يجب أن يكون التعبير والتظاهر له فائدة للجميع وليس للحساب الشخصي !
قصور إداري
استاذ اللغة العربية الدكتور سلام العزاوي قال لـ(المدى) إن اتساع رقعة التظاهر والاحتجاج ضد القرارات التي تصدر من الحكومة أُسيء فهمها كون بعض المطالب مشروعة والأخرى ليست بوجه حق، موضحاً: أن المشهد البارز فى التظاهر ألان هو الوقوف بوجة المفسدين ومحاربتهم وهذا دافع وطني حقيقي، مشيرا الى قيام البعض بالتظاهر امام وزارة المالية للمطالبة بصرف مستحاقتهم المالية وغيرها من الأمور الأخرى، لكن ألسؤال هنا: هل وزارة المالية لها مقصد بتأخير أو عدم دفع المستحقات للمواطنين؟ هذا غير ممكن وإنما هناك قصور ربما في الدائرة او الوزارة نفسها .
تغيير المناصب والضرَّر
مدير قسم الإعلام في دائرة صحة بغداد قاسم عبدالهادي أوضح لـ( المدى) أن هناك البعض من أصحاب المناصب الثانوية كمدراء أقسام او معاون إداري يعملون في عموم مؤسسات الدولة لهم موظفون موزعي الأدوار بينهم خصوصاً في مجال المشتريات أو الكاز أو غيرها من الجوانب التي يمكن ان يتقاسموا الغنيمة وهم كثيرون فى الدوائر! مشيراً إلى أن تغيير المناصب أو اعفائهم من المسؤوليات المناطة بهم لحصلت ثورة، لذا نلاحظ قيام العديد من الموظفين بالاحتجاج على القرارات او الاضراب عن العمل أو من خلال تحريض الموظفين ألآخرين على عدم الانصياع الى ألأوامر الإدارية .
في حين تشير زينب علي وهي موظفة في وزارة الكهرباء إلى أن احترام القوانين والانظمة لدينا قد انتهى وهذا ما يحصل الآن من خلال عزوف العديد من اصحاب المناصب على تنفيذ برنامج الاصلاح الحكومي فيما يواجه أي قرار صادر من الحكومة بردود افعال غير منطقية ومنها الأخير إلغاء المخصصات المالية للموظفين فى الرئاسات الثلاث ؛ زينب تتساءل لو أجرينا كشفاً مالياً حول المكافآت المالية او قروض قطع الأراضي التي حصل عليها بعض الموظفين في هذه الرئاسات سنجد أرقاماً عجيبة وغريبة وهم يتظاهرون ضد قرار حكومي أراد أن يُنصف الجميع بالحقوق!
حرمان أفراد المجتمع من الخدمات
الحقوقي علي احمد عبدالرضا يوضح لـ( المدى ) ان تعامل أية مؤسسة حكومية مع المواطن بشكل مباشر لغرض انجاز المعاملات الخاصة بهم مثل دوائر وزارة المالية أو العمل أو العدل وغيرها يجب ان يكون الاعتبار الاول في حين يحتج الموظفون فى هذه الدوائر ويتركون المراجعين فى الشارع يعد هذا تصرفاً غير قانوني ولا إنساني ؛ علي اشار الى أن التجارب العالمية نموذج في التعبير عن الرأي أو ألاحتجاج اذ يحرص القائمون على هذه الممارسات باستحصال الموافقات القانونية ودعوة وسائل ألإعلام وتشديد الحرص على أن الاحتجاج لا يضر بخدمات المواطنين مبيناً أن حالة الفوضي التي انتشرت موخراً والمتمثلة بالاضراب او قطع الطرق امام المواطنين وأثناء الدوام الرسمي للتعبير عن رفضهم لقرارات وزارية وهذا غير وارد في أي بلــدٍ متحضر !
الحقوق المشروعة
هشام جبار طالب كلية الآداب المرحلة الرابعة يوضح لـ( المدى ) ان بروز حركة التظاهرات في الآونة ألأخيرة هو دليل واضح على حرص الحكومة لرفع القيود التى كانت تمارس على المواطن والمنظمات والحركات الوطنية قبل فترة قليلة ؛ فيما كانت النتائج لتلك التظاهرات إيجابية من خلال إخضاع الحكومة لمطالب المتظاهرين المشروعة الوطنية وإطلاق برنامج الإصلاح وهذا يعني ان هناك مطالب وطنية مشروعة يُطالب بها الشعب ؛ هشام اشار الى تزامن تلك التظاهرات بمطالب شخصية والمتمثلة بصرف الرواتب ومنهم منتسبو وزارة الصناعة.
والسؤال لـ(هشام ) اذا كانت الشركة لا تعمل وليس فيها انتاج فكيف تُصرف الرواتب لهم؟! والمطلب الآخر هو خروج واحتجاج غير مفهوم لطلبة الكليات والاعتراض على بعض القرارات الخاصة بوزارة التعليم العالي وغيرها ؛ مطالباً الحكومة والأجهزة الأمنية للتصدي لهذه الممارسات الخاطئة والوقوف ضد هذه المظاهر التى وصل ألأمر بها الى قطع الطرق الرئيسة مما تسبب في غلق أصحاب المهن أبوابهم خصوصاً في هذه الظروف الاستثنائية.