اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الصدر والمدنيين.. ابعد من لقاء

الصدر والمدنيين.. ابعد من لقاء

نشر في: 26 أكتوبر, 2015: 09:01 م

مرة اخرى يتعرض المثقفون الى هجمة (من الجمهور العلماني) بسبب لقائهم زعيم التيار الصدري. حتى ان السيد جاسم الحلفي وباقي الاصدقاء اضطروا لكتابة توضيحات شتى تبرر اللقاء. وكأن ممثلي التيار المدني دخلوا حوارا مع اسرائيل، لا مع طرف عراقي كان قريبا جدا من احتجاجات الاصلاح التي اندلعت الصيف الماضي.
ان ما حصل يشير الى غياب العقلانية عن معظم مواقفنا، كما يشير الى ازمة تمر بها العقلانية السياسية في العراق والتي وجهت لها النقد في المقال السابق. لا الضحية تحسن التعبير عن مظلوميتها. ولا الطرف الذي يرتكب الظلم قادر على تعديل المسار قبل ان ينهدم المعبد فوق رؤوسنا.
ورغم تباين المواقف بشأن امور مهمة، الا ان التقييم السياسي لمجمل الاوضاع، كان متقاربا جدا بين ممثلي الاتجاهات المدنية، وتيار الصدر وممثليه السياسيين والثقافيين، وكلا الطرفين، طبقا لاتصالات دائمة، يدركان الحاجة للعمل المشترك، لا في اطار حماية التظاهرات من المتربصين بمآلاتها، ولا فيما يتصل بمتطلبات تنضيج مفهوم الاصلاح واوراقه وحسب، بل يتعلق الامر بضرورة انتقال الجانبين الى مرحلة جديدة من التعاون، الذي لا يعني اندماجا وتطابقا، بقدر ما يعني اكتشاف ممكنات مشتركة، والتشارك في مستوى الجرأة في الدفاع عن الدولة، والايمان بضرورة بناء تسوية سياسية وثقافية كبيرة، ينتجها الداخل لقطع الطريق على تدخلات الخارج الصارخة وفوضى الداخل المنفلتة، او تخفيف ذلك وكبح جماحه على الاقل.
عبر مراحل مختلفة من التاريخ كان نقص الحوار المصمم بعناية بين مراكز القوى المحلية، عاملا يضيع قيمة التضحيات، ويبدد الفرص، ويورط البلاد في هزائم غير مبررة، ويمنح الخصوم المشتركين فرصة للتلاعب بمقدراتنا.
ومن هنا بدأ ممثلون بارزون عن التيارين، يتحدثون بوضوح خلال السنوات الاخيرة، عن ضرورة ملحة في تطوير مستويات الحوار، لجملة اهداف، منها تعزيز الشراكات السابقة الناجحة، وتطوير اشكال الثقة التي يفترض ان تطلق مرحلة تعايش واعدة تحتاجها بلادنا، كما يمكن ان نوفر حوارا على مستوى الخبراء، يمكنه المساهمة في تنضيج الخطط التشريعية والتنفيذية والسياسية، التي تمس ملف الاصلاح الاداري، او المصالحة الوطنية، او تطبيع علاقتنا مع الدنيا، واعادة العراق على خارطة المصالح العالمية كشريك موثوق ومسؤول، له مكانته واستحقاقه وعليه واجباته والتزاماته.
ويمكن لاي نجاح يحققه التعاون بين الجانبين، ان يقدم على الساحة الوطنية، قصة نجاح عراقية نادرة ستترك اثرها في التقريب بين كل الاطراف، دينية وعلمانية، عابرة للمذاهب والقوميات.
لا يمكن لتيار الصدر ان يؤثر سلبياً على مواقف العلمانيين المقتنعين بالعمل المشترك معه. كما لا يمكن للعلمانيين ان يتركوا "اثرا انحرافيا" في سياسات الصدريين. لكن يمكن بناء ثقة تشجع الطرفين معا على ان يصبحا معتدلين اكثر في قضايا مشتركة كثيرة. ولذلك فان الامر هو ابعد من مجرد لقاء. ويمكن ان يؤدي لبناء تقاليد وقواعد عمل جديدة تحرك الجمود ونقص المبادرة في كواليس السياسة العراقية

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. khalid

    يفرحني النفس الذي ينتظم كتاباتك. ويفرحني حراك الشباب أيضا لأنه البشارة بالضوء في آخر النفق

  2. khalid

    يفرحني النفس الذي ينتظم كتاباتك. ويفرحني حراك الشباب أيضا لأنه البشارة بالضوء في آخر النفق

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram