ضيّف اتحاد الادباء والكتاب والعراقيين ، وضمن منهاجه الثقافي الاربعاء الماضي، الكاتب والروائي خضير ميري في ندوة بعنوان (العلاقة بين الابداع والمرض) وذلك بعد اصابة ميري في احدى ساقيه جعلته طريح الفراش قرابة عام كامل. وقد وصفه مقدم الجلسة الناقد علي الف
ضيّف اتحاد الادباء والكتاب والعراقيين ، وضمن منهاجه الثقافي الاربعاء الماضي، الكاتب والروائي خضير ميري في ندوة بعنوان (العلاقة بين الابداع والمرض) وذلك بعد اصابة ميري في احدى ساقيه جعلته طريح الفراش قرابة عام كامل. وقد وصفه مقدم الجلسة الناقد علي الفواز بالمثقف الاستثنائي لكونه يشكل جزءاً حميمياً من صخب وشجن واسرار الثقافة العراقية، فلا يمكن ان نتحدث عن مشهد ثقافي بدءاً من التسعينات وحتى اليوم ان لم يكن ثمة غبار يثيره خضير ميري له علاقة بالشعر او القصة او الفلسفة وغيرها. مشيراً الى انه عاش تحولات وانفصالات تمس الوعي والوجود والمعنى متنقلاً ما بين الاشتغالات الفلسفية المعقدة وغيرها من الجوانب الفنية والمعرفية. مبيناً انه دخل كلية الفنون الجميلة، وفي السنة الثانية دخل السجن، ومنه الى مصح الامراض العقلية، ثم عاد الى عقله من جديد متحركاً لوحده في منطقة الفراغ محاولاً صناعة كينونات يشكل منها معالم للفكر من خلال رؤية ذاتية خاصة به.
في حديثه ، اشار ميري الى ان أهمية فلسفة المرض تكمن في انه يقدم آلية دفاع كبيرة ازاء الموت. فلولاه ما عرفنا كيف نعالج انفسنا وفق امكانيات يمنحها لنا، فهو ينشط الذاكرة حين نكون ممددين على الفراش ولا هم لنا سوى التفكير واستعادة اشياء كثيرة من الماضي. ثم انه يعد امتحاناً للاصدقاء والمؤازرين. لافتاً الى ان المرض حالة مصاحبة لجميع الفلاسفة والمبدعين ، فماركس لم يكن يستطيع ان يأكل سوى البطاطا، ونيشته الفيلسوف الغرائبي لم يأكل سوى السَلَطة، وكثيراً ما تأخذه الغيبوبة. وقال: الانسان يمر بالمرض عندما يتقبله عقلياً، لذا لا بد من مقاومته بامكانيات نفسية. فليس من السهولة ان يكون المرء مريضاً دون ان يمر بانتكاسات وصدمات، فانا لم اكن اعد نفسي مريضاً حين كنت في المصح، لكني حين اصبت بساقي اصابة شديدة ارقدتني الفراش عندها اعتبرت نفسي مريضاً، لان الانسان يعتمد على ساقه في اشياء كثيرة. مشيراً الى ان ذلك ساعده في الوقت ذاته على التفرغ للقراءة والكتابة بتحفيز من المرض فهو كالصديق يمنحه حيوية التفكير بامكانية كبيرة يفعلها بذاته. واضاف: كذلك المرض يعلمنا الصبر والصمود ازاء امور لم نكن نتحمل الصبر عليها في حالة كوننا اصحاء. موضحاً ان علاقة الانسان بذاته لم تتحقق الا حين يعزلنا المرض عن الآخرين في وحدة دائمة ومن دون تلك العوامل التي كانت متاحة لنا، لذا يجب علينا ان نقوي ذاتنا امام حالتنا المرضية.
في مداخلته ، اشار الشاعر عمر السراي الى ان ميري يجب ان يمرض كثيراً لأنه اجمل من يمرض. وقال: فهو تحدث عن المصح وكأنه ذاهب الى نزهة برفقة حبيبة، وعن السجن وكأن قضبانه حلوى رأس السنة، والآن يتحدث عن المرض وكأن المرض ابتلي به، وليس هو الذي اصيب بالمرض، فالمرض الآن يبدو محاولاً الشفاء والخلاص من عقدة اسمها خضير ميري الذي يتحدث بجمال عن الاشياء. لذا اتمنى له ان يمر بجميع الاشياء، ومن ضمنها ان يقدر له الموت ثم العودة منه ثانية ليتحدث لنا عن فلسفة الموت. فالجميل به انه يعيش الحياة كتابة وفلسفة من خلال البحث عن ماهيات الاشياء.
