اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَنْ يسرق رواتب الموظفين؟

مَنْ يسرق رواتب الموظفين؟

نشر في: 27 أكتوبر, 2015: 09:01 م

في يوم واحد، هو أول من أمس الإثنين، وفي مدينة واحدة، هي العاصمة بغداد، يستولي مسلحون على رواتب مؤسستين حكوميتين.. ما معنى هذا؟
قبل استكشاف المعنى دعونا نستعيد وقائع الحدثين. هي ليست بالوقائع العجيبة الغريبة بالطبع، ولم تنطوِ على طرق وأساليب مبتكرة لم يسبق لها مثيل من قبل أو قلّ نظيرها، فعلى مدى السنين الإثنتي عشرة الماضية ظلّ يحصل مثلها بالعشرات سنوياً، وبالتالي كان من المفترض أن تكون الأجهزة الامنية قد وضعت الخطط الفعّالة الكفيلة بمنع وقوع عمليات من هذا القبيل أو إحباطها في الحال عند وقوعها، وهو ما غير حاصل أبداً، برغم ما يُسجل للاجهزة الامنية من نجاحات ملموسة في خفض مستوى الإرهاب والجريمة المنظمة في السنوات الأخيرة.
السيناريو واحد في العمليتين، وهو ذاته سيناريو الحوادث السابقة في معظمها. العملية الاولى وقعت في حي البلديات: مسلحون ملثّمون يرتدون الزي الاسود ويستقلّون عجلتي دفع رباعي يستولون تحت تهديد السلاح على رواتب موظفي قسم الشؤون الفنية في تربية الرصافة الثانية البالغة أكثر من 26 مليون دينار، لدى مرور الموظفين الذين ينقلونها في منطقة البلديات شرقي بغداد. وقع الحادث برغم أن الموظفين الذين كانوا يحملون الرواتب قد رافقتهم قوة من حماية المنشآت(FPS).
بعد ساعات من وقوع هذا الحادث، كانت مجموعة مسلحين أخرى يستقلّ أفرادها عربتي دفع رباعي أيضاً، ولابدّ أنهم كانوا ملثمين وبملابس سوداء اللون كذلك، تستولي على رواتب موظفي معمل الورق وعماله البالغة 211 مليون دينار، والتي كانت تحملها سيارة فيها موظفان من المعمل، أثناء مرورها بمنطقة الحماميات في بغداد.
المجموعتان المسلحتان تنتميان إلى عصابات الجريمة المنظمة.. ما من شك في هذا، لكن لماذا تحرص هذه المجموعات على أن ترتدي الملابس السوداء وتتلثم وتستخدم السيارات رباعية الدفع وتنفّذ السيناريو نفسه في كل عملية؟.. إنها بكل بساطة تريد أن توحي بان مجموعاتها المكلفة بالسطو والنهب هي من منتسبي الميليشيات، ذلك أن عناصر الكثير من الميليشيات تتصرف بهذه الطريقة بالضبط.. تستخدم السيارات رباعية الدفع، وترتدي الألبسة السوداء أو المرقطة في الغالب، وتتلثم وتتصرف على نحو غير منضبط. ومَنْ يقف في وجه هذه العناصر ويمنعها من خرق نظام المرور أو التجاوز على كرامات الناس مثلاً؟ .. حتى قوات الشرطة والجيش لا تقوى على التصدي لعناصر الميليشيات غير المنضبطين وللمتشبهين بهم من أفراد عصابات الجريمة المنظمة... لا تفعل هذا لأنها تدرك خسارتها المحتّمة في أية مواجهة مع الميليشيات في كل الأحوال.. عناصر الميليشيات تستطيع أن تتصرف بحرية أكبر، مدركة أنه ما من أحد سيحاسبها، لا من قياداتها ولا من أجهزة الدولة..
من هذه الباب بالذات تنفذ عصابات الجريمة المنظمة فتفعل ما تشاء.. لتضبط الميليشيات عناصرها، ولتضبط الدولة الميليشيات، حتى لا تتكرر حوادث الاستيلاء على رواتب الموظفين وسواها من التعديات التي تحدث يومياً تقريباً.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. مصطفى

    يشكر اخونا العزيز الكاتب عن الاعلان على مثل هذه الحالات التي باتت معتاده في كل يوم وكل مكان من بغداد بالاخص وعلى شاكلة هذه الحالتين حدثت في منطقة الغدير وفي خلال اقل من 24 ساعه اختطاف شابين بعد ان تم ايقاف سيارتهما وتفجير عبوه على محل لبيع ملابس ومقتنيا

  2. مصطفى

    يشكر اخونا العزيز الكاتب عن الاعلان على مثل هذه الحالات التي باتت معتاده في كل يوم وكل مكان من بغداد بالاخص وعلى شاكلة هذه الحالتين حدثت في منطقة الغدير وفي خلال اقل من 24 ساعه اختطاف شابين بعد ان تم ايقاف سيارتهما وتفجير عبوه على محل لبيع ملابس ومقتنيا

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram