TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > خارج العاصمة: تحولات النص السردي

خارج العاصمة: تحولات النص السردي

نشر في: 11 يناير, 2010: 05:00 م

محمد خضير خلال الكلمة التي ألقيتها في احتفاء كلية آداب البصرة بكتابي (حدائق الوجوه) في العشرين من كانون الأول الماضي، وفي الحديث الذي أجريته بعد الحفل مع الدكتور لؤي حمزة عباس (المدرس في الكلية)، آثرتُ الإشارة إلى الكتاب باعتباره "عقدة" سردية أساسية تتشعب منها روابط نصية بعدة كتب، بدلالة ما يأتي:
(1) يشعر الكاتب عند هذه العقدة بالحرية الكاملة لابتداع أنواع سردية فرعية، تسيح عن جنسها الأصلي وتسيل حوله، ولم يحدث أن شعرت من قبل بإمكانية هذا التشعب، فقد كان كل كتاب قصصي دورة منغلقة على شذورها العددية. لكن الحال اختلفت مع كتاب (الحدائق) إذ كان الوصول إليه مقصوداً لفتح ذخيرته السردية على نظام متشعب الروابط. ولعل الشعبة الأولى التي تفرعت عن عقدة الكتاب ستؤدي إلى "أحلام" سردية تعقد معه "كوناً" نصياً قابلاً للاتساع. بعد هذه العقدة سيتمدد كون "المجموعة" القصصية متحولاً إلى شبكة من النصوص الترابطية. ليس بوسعي قياس هذا الامتداد، حتى أتابع بنفسي استجابة قارئ النصوص الترابطية الذي يتحرك معي إلى ما وراء العقدة السردية، لكني أهجس أن مقروئية الكون السردي هذه ستتحول أيضاً من عقدة "رؤية العالم" إلى شعبة "احتواء العالم".(2) لن تتوقف أدبية النص السردي وشعريته على عقدة "البحث" العلمي وافتراقه عنها، إذ بعد فرويدية جويس، وانتحاءات ساروت، ونسبية داريل، وسيميائية إيكو، تشعبت سرديات "البحث" الأدبي حتى فاضت عن طاقة قلعة العالم الروائية وتشريعها النظري، غالباً ما تُهمَل مساعي الكتّاب وطرائقهم الفرعية لفكّ عقدة التحول النصي وتحبيكها بشعريات السيرة الذاتية، وتمثيلها الأساسي "حديقة العالم"، وقلما انتبه النقاد إلى أن لكل كتاب سردي متاهته المتشعبة عن حدود العالم الفيزيقية والميتافيزيقية، ويبدو أن الغاية الأخيرة لهذا التشعب والامتداد إعادة تمثيل أدوار سابقة من "سيرة العالم" المحبوكة بسيرة الذات الباحثة عن الأخيلة والأقنعة والسياحات الفكرية (بمفهومها الجبراني والمعري والطاغوري). أي كتاب سردي يتشعب عن أنموذج سابق، أو عقدة برهانية، هو بدوره نشأة ثانية من عقدة تناصية مع عقول العالم المنتظمة في إطار حدائقيّ عجيب.(3) أصل عند هذا الحد من تفريع السرد إلى اعتبار الكتاب السردي شعبة من "حلم العالم". وعند هذه الدورة من سرد النشأة الذاتية، تبرز صعوبة عقد الرابط الفرعي بالعقدة الأساسية المحفوفة برؤية الحقائق الصادمة للذات والعالم، هل من دليل قاطع على تصادم الروابط بين عضوية "مجلس العالم" ومواطنة "الخيال السياسي" في جمهورية الأحلام المترابطة؟ لا دليل يقطع بخطأ هذا التفريع في نشأة كاتب قايض ضميره النقدي بنصوص على قدر فائق من اليقظة والانتقاد، إن التصادم الحقيقي لا يقع بين الوسائل والغايات، وإنما بين اللذات والآلام، ولقد سبق لأحلامي أن سحبت إليها "وحوشاً" نائمة في رواية (كراسة كانون) فجرّت على نفسها الأخطاء، قد يلج السرد "سمّ الخياط" أحياناً، وهو يفرّع نفسه ضد نشأته الذاتية، فيتجرع الآلام، لكن "الألم درس" بقول أسخيلوس. وقد يكون تفريع السرد هو الدرس الختامي.(4) لا أزعم أن تفريعات العقدة السردية تقتصر على تنصيص "سيرة العالم" الذاتية، والبحث عنها في ثقوب الأحلام المؤلمة، بل قد يأتي الدليل من نظام مجرّة سردية راسخ الأركان، لكني أهجس ـ كما قلت في ختام الفقرة الأولى ـ أن مقروئية الكون السردي لابدّ من ان تتحرك من عقدة نظام العالم إلى احتواء تفريعات مجرته وتحولاتها، بمقياس الامتدادات الآتية: ـ تحولات السردية العالمية بعد سيميائية رواية (اسم الوردة).ـ تحولات السردية المصرية بعد عقدة (ثلاثية) نجيب محفوظ.ـ تحولات السردية اللبنانية بعد الحرب الأهلية. ـ تحولات السردية المغربية المهاجرة نحو لغة ثانية. ـ تحولات السردية الفلسطينية بعد النكبة.- تحولات السردية الخليجية بعد الوفرة النفطية. ـ تحولات السردية العراقية المتجذرة في الحقل الستيني. ـ تفريعات سردية الأقليات الإثنية والكوكبات الصغيرة ( سليم بركات وابراهيم الكوني).ـ تفريعات السردية العراقية المغتربة عن أرضها الأولى.ـ تفريعات السردية العراقية العائدة إلى أرضها الأولى. ـ تفريعات السردية العراقية المخضبة بحروب الخليج (جيل الثمانينيات والتسعينيات).ـ تفريعات السردية العراقية المتنحية في مجرتها الذاتية (جمعة اللامي وعبد الستار ناصر).ـ تفريعات السردية النسوية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram