لم يصدف أن دخت مثل دوختي في قضية تفويض الإصلاحات التي كتبها العبادي كتابة وقدمها للبرلمان ووافق عليها بالإجماع جملة وتفصيلا. ما أقرأه اليوم من بيانات حول محاولات الغاء التفويض او سحبه مع تبريرات هذا الإلغاء او السحب شككني بقدرتي على فهم اللغة السائدة بين الكتل والكيانات السياسية وحتى الطائفية. الشيء الوحيد الذي خرجت به هو ان التحالف الوطني بالذات لا توجد بينه أي مشتركات عدا كونه شيعياً، غير ذلك تجد لكل منهم لغته الخاصة. لا تستغربوا فللفاشية لغة وللديمقراطية لغة، مثلما لكل من الذكاء والغباء لغة خاصة. من البداهة ان للفساد والفاسدين لغة مبطنة قد يصعب على النزيه فهمها.
على الهواء وليس في السراديب تابعنا تفويض كل البرلمانيين للعبادي لتطبيق خطوات الإصلاح شلع، ثم أضاف لها البرلمان من عندياته قائمة أخرى ومنح للعبادي أيضا تفويضا مطلقا بتطبيقها. للتذكير فقط ان الغاء مناصب نواب الرئيس كان في اول قائمة والإصلاح وربما هو الأهم والأنفع في كل ما جاء فيها.
ماذا يعني التفويض عند قوم يفهمون؟ انه مثل الوكالة العامة او الخاصة التي يمنحها شخص لشخص آخر، وهكذا فوضت السلطة التشريعية امر الإصلاحات للعبادي. معنى ذلك انها جعلته حراً في التصرف بكيفية تنفيذها باعتباره المسؤول الأول والمباشر في السلطة التنفيذية. بالشعبي انهم قالوا له: روح الهوه بظهرك ولا تلتفت لهذا او ذاك.
الآن هناك لعبتان من بعض أجنحة التحالف الوطني. فكتلة "المواطن" تعترض على العبادي بحجة انه انفرد بإجراء الإصلاح. شكو بيها؟ أولا انكم فوضتموه بكامل وعيكم او هكذا يجب ان تكونوا. ثم ان الرجل يُصلح ولا يخرِّب. فلو فوضتني اصلاح سيارتك وقلت لي لك مطلق الحرية في استبدال او إصلاح أي قطعة فيها دون الرجوع اليك، فهل احتاج اذنك لو قررت استبدال القايش مثلا؟ لك الحق ان تعترض لو اني أحرقتها او خسفت صندوقها. ليش؟ لأن هذا تخريب وليس اصلاح. الإصلاح معناه فعل الخير، لذا أعجب من معترض على فاعل خير. ألم اقل لكم انها مشكلة لغة وقصور في فهم الكلمات ومعانيها. يبدو ان المشكلة ليست في عدم فهمهم لمعنى التفويض فقط، بل ولا يعرفون معنى الإصلاح أيضا.
اللعبة الثانية، ولاعبها دولة القانون، هي دعوى مخالفة خطوات العبادي الإصلاحية للدستور والقوانين. قطعا يقصدون الغاء منصب المالكي وليس علاوي او النجيفي. أما يعرفون ذلك من البدء؟ زين ليش وقـَّعوا على التفويض؟ لا يقولون اننا اخطأنا او بالأحرى ما كنا نفهم معنى التفويض فرموها برأس العبادي. والنتيجة؟ الله يعينك يا شعب على هالدوخة!