ظننتُ، قبل أن أذهب إلى ساحة التحرير هذه الجمعة، أنني سأجد هناك بضع مئات في الأقل من الاساتذة والتدريسيين الجامعيين وقد وصلوا قبلي وجمعوا حولهم في أحد أركان الساحة بعض المتظاهرين، بينهم بعض طلبتهم، أو انضمّوا إلى المجموعات الأخرى التي اعتادت الانتشار في هذا المكان كل يوم جمعة منذ 31 تموز الماضي.. لكن لم يكن هناك منهم سوى أولئك الذين درجوا على الحضور كل جمعة منذ بداية الحركة الاحتجاجية – الإصلاحية، وجميعهم تقريباً من التيار المدني.
مبعث ظنّي - الخائب - أن الاساتذة والتدريسيين الجامعيين وبعض موظفي الرئاسات والهيئات المستقلة أو شبه المستقلة نظّموا في الأسبوع الماضي حركة احتجاجات وهدّدوا بالاعتصام وبوقف الدراسة، اعتراضاً على سلّم الرواتب الجديد الذي وضعته الحكومة وأنقص من مخصصاتهم في إطار ما قالت الحكومة أنها خطة لتقليص الفوارق الكبيرة بين رواتب موظفي الدولة وللتقشف تحت ضغط الأزمة المالية التي تواجهها الدولة بعد انهيار أسعار النفط وخواء الخزينة العامة بفعل فساد الفاسدين، فضلاً عن الكلفة المضاعفة للحرب ضد الإرهاب بعدما تركت الحكومة السابقة لخلفها الحكومة الحالية الاحتلال الداعشي لثلث مساحة البلاد.
كان موقفاً غريباً من الأساتذة والتدريسيين الجامعيين، وبخاصة في العاصمة، أن لا يشاركوا في الحركة الاحتجاجية – الإصلاحية منذ انطلاقها ( بضع عشرات فقط كانوا يشاركون على الدوام وهم من التيار المدني، وبخاصة الشيوعيين)، ففي الماضي كانت الحركات الاحتجاجية في العراق وسائر دول العالم تنطلق من الجامعات في الغالب. وقد يكون عدم التحاق الأساتذة والتدريسيين في جامعاتنا بالحراك الشعبي الأخير راجع إلى أنهم، بفضل قانون الخدمة الجامعية الذي منحهم رواتب وامتيازات كبيرة، غدوا أقل شعوراً بمعاناة سائر الفئات الاجتماعية من البطالة ومن الأجور والرواتب المتدنية وانهيار نظام الخدمات العامة، وكذلك إلى ترفّعهم على غيرهم، وهذا ما عبّر عنه أحدهم أمام الكاميرا بالقول لإحدى الفضائيات بلهجة حادة "خلّونه (جعلونا) مثل العربنجية ننزل للشارع"! ..
لكن الموقف الأكثر غرابة أن لا ينزل الأساتذة والتدريسيون الجامعيون إلى ساحات التحرير يوم الجمعة الفائت ولا ينضمّون إلى الحركة الاحتجاجية الإصلاحية بعد إعلان الحكومة عن سلم الرواتب الجديد وتنظيمهم احتجاجات عليه داخل جامعاتهم. بعد موقف كهذا سيكون من الصعب عدم التفكير بأن هذه الفئة التي يُفترض أنها جزء حيوي من نخبة المجتمع، بل من نخبة النخبة، أنانية بدرجة كبيرة لا تشغلها أحوال الناس ولا تهمها أوضاع البلاد، وأن الاساتذة والتدريسيين الجامعيين منشغلون ومهتمون بأنفسهم ورواتبهم وامتيازاتهم فحسب.. إنه موقف غريب للغاية حقاً، يعكس في ما يعكس تدنّي مستوى الوعي الإجتماعي والوطني لهذه "النخبة"، ولابدّ أن هذا يمكن أن يُترجم لدى الكثير من الناس العاديين إلى الشعور بعدم التضامن معهم وعدم الاكتراث بقضيتهم ومطالبهم.
يا لخيبة الظنّ بالجامعيين!
[post-views]
نشر في: 31 أكتوبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 4
بغداد
يا استاذ عدنان حسين ليس من الضروري ان نظن كل من استلم منصب استاذ جامعي بعد ٢٠٠٣ ان يكون مثقفاً ويمتلك الوعي السياسي لا بل كثير منهم غير كفوئيين أكاديمياً أصلاً بل استلموا المناصب بالواسطات والغالبية منتمين الى الاحزاب المتأسلمة التي دعمتهم وأعطتهم هذه الم
خليلو...
(كان ذلك عندما كان القلب في الجهة اليسرى، ايها الطبيب، واليوم فإنه في الجهة اليمنى) لقد ولى ياعزيزي ذلك الزمن الذي كان فيه الإنتليجسا تتولى فيه قيادة حركات الشارع فلم يبق منهم سوى بقيا مدرسة الوطنية العراقبة بجدارة فقد آلت الأمور الى .............
بغداد
يا استاذ عدنان حسين ليس من الضروري ان نظن كل من استلم منصب استاذ جامعي بعد ٢٠٠٣ ان يكون مثقفاً ويمتلك الوعي السياسي لا بل كثير منهم غير كفوئيين أكاديمياً أصلاً بل استلموا المناصب بالواسطات والغالبية منتمين الى الاحزاب المتأسلمة التي دعمتهم وأعطتهم هذه الم
خليلو...
(كان ذلك عندما كان القلب في الجهة اليسرى، ايها الطبيب، واليوم فإنه في الجهة اليمنى) لقد ولى ياعزيزي ذلك الزمن الذي كان فيه الإنتليجسا تتولى فيه قيادة حركات الشارع فلم يبق منهم سوى بقيا مدرسة الوطنية العراقبة بجدارة فقد آلت الأمور الى .............