TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بقاء العبادي وزواله

بقاء العبادي وزواله

نشر في: 31 أكتوبر, 2015: 09:01 م

يندر ان يمر مسؤول عراقي بالتجارب التي مر بها حيدر العبادي منذ صيف ٢٠١٤. فقد رشحته الكتلة الشيعية نائبا لرئيس البرلمان بالتوافق، وكاد ان يفشل في الفوز بثقة النواب، اثر تقدم الدكتور احمد الجلبي بترشيح نفسه على نحو مباغت، في سابقة مثيرة كانت تصمم رسائل للداخل والخارج بشأن نوري المالكي.
لكن العبادي سرعان ما وجد نفسه رأس الرمح في تغيير كبير حرم المالكي من الولاية الثالثة، وجعل رئيس الحكومة الجديد يحظى بدعم واسع. وقد نجح في تجربة "اخلاقيات جديدة" في بداية تسلمه المنصب، ودشن حملة علاقات عامة، وادار حوارا طموحا مع التحالف الكردستاني واتحاد القوى. لكن الحوارات الداخلية خضعت لتجميد قاس ضمن اجواء الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، وجعلت الانظار تتجه الى العبادي كعاجز سياسيا، رغم ان العجز يمس كل قيادات التحالف الشيعي.
ومن انجماد السياسة العاجزة انتقل العبادي الى اكثر مواسم الصيف قسوة، حتى واجه مظاهرات تكاد تطيح به، ثم وبسرعة واثر تدبير معقد اوحت به النجف، نجح العبادي في التحول من عاجز يهدده المالكي وحلفاؤه، الى بطل الاصلاحات المأمولة، فانقلبت المظاهرات الى مسيرات تأييد له!
الا ان هذا لم يدم ايضا، فسرعان ما بدأ الناس يتساءلون عن الخطوات الحقيقية، بعد زوال النشوة التي اعقبت اقالة المالكي ورفيقيه، فعاد العبادي مغضوبا عليه، تحاصره استحقاقات سلم الرواتب والامطار وهمهمات الدب الروسي في سماء العراق.
ثم اصبح العبادي نموذجا نادرا لرئيس وزراء "بلا حزب". اذ يمكن القول عمليا ان حزب الدعوة او الجزء ذي الصوت العالي منه، تخلى عن العبادي منذ حادثة "القائد الضرورة". انها اول مرة يقوم فيها حزب بالسخرية من رئيس الحكومة الذي ينتمي اليه. وها هو الموقف يتطور بغموض والتباس، وتتناقض المعلومات والمواقف، لان كتلة دولة القانون انقسمت الى "جناح الصيادي" الذي يفضل القرارات الثورية ويكفر بالتدابير المتأنية ويدعو لسياسة الارض المحروقة. اما القسم الاخر من الكتلة فقد دخل في حوار مغلق، بينما تتقافز اشياء ثقيلة وخفيفة من النوافذ وتعكس حدة الارتباك، لان العبادي يخوض تجربة نادرة من الصعود والنزول، والحزب يواجه لاول مرة تناقضا رهيبا بين "جناح الصيادي" والعبادي.
ويعتقد خبراء ان هناك فرصة للاطاحة بالعبادي، وهذا امر معقول نتيجة عدم رضا وشكوك تتصاعد عند الاطراف السياسية، ولابد للعبادي ان يسارع لمعالجة ذلك، اذ لايوجد رئيس حكومة يستطيع العمل بلا شركاء. ولكنني شخصيا، اعتقد انه كلما دخل "جناح الصيادي" على خط إضعاف العبادي، كلما اكتسب العبادي دعما جديدا وشرعية اضافية، اذ يحدق الناس في قسمات الوجوه ويتأملون الشرر المتطاير والعنتريات، فيعودون متعاطفين مع "ابو يسر". وهذا ليس حظاً، بل فرصة بمعنى سياسي كبير لابد ان يجري اغتنامها ببرامج تشاورية واضحة، مع توجيه شكر وافر ل"جناح الصيادي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    ياسيدي الفاضل ان العبادي ليس رجل مرحلة بهذا الحجم الذي يفوق قدراته انه ليس برجل سياسة وقد اثبت ذلك من خلال هذه الفترة لم يحقق اي نجاحا ولم يحسم امرا وبقى مترددا وحائرا امام فرصا كثيرة منحت له ولو كان مسؤلا اخر للاقى نجاحا منقطع النظير لكنه فشل فشلا ذريع

  2. ابو سجاد

    ياسيدي الفاضل ان العبادي ليس رجل مرحلة بهذا الحجم الذي يفوق قدراته انه ليس برجل سياسة وقد اثبت ذلك من خلال هذه الفترة لم يحقق اي نجاحا ولم يحسم امرا وبقى مترددا وحائرا امام فرصا كثيرة منحت له ولو كان مسؤلا اخر للاقى نجاحا منقطع النظير لكنه فشل فشلا ذريع

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram