استبشر كثير من العراقيين خيراً— النساء منهم قبل الرجال — حين أعلن عن تكليف سيدة عراقية، ذات شهادة عليا، للاضطلاع بمسؤولية إدارية شاقة باهظة التطلب،هي: أمانة بغداد.
ربما، هي المرة الأولى في تاريخ العراق الحديث، ان يتم إسناد منصب شائك شديد التعقيد …لامرأة!!
تذكرنا المبادرة الشجاعة لمن اختارها للمنصب. بحكمة يونانية رمزية طالما ترددت عبر المسامع، كلما تطلبت الإشادة بالقدرات الخلاقة لبعض النساء بشؤون الإدارة، والتفوق الملحوظ على كثير من أقرانها الرجال:: (اربعون رجلا يقيمون خيمة، وامرأة واحدة تبني بيتا)
المعنى الرمزي العميق الدلالة اللابد بين الكلمات، يعلن عن نفسه دون شرح او ترجمة، إشارة لما تملكه المرأة الحكيمة من حرص ودقة، وإخلاص في أداء العمل، وإتمامه على أكمل وجه.
تولي مسؤولية أمانة عاصمة — أية عاصمة —، ما هو بالأمر اليسير او الهين،، مسؤولية ينوء تحت أعبائها أقوى الرجال، فما بالكم والعاصمة الملتبسة المسارب والمتعددة المشارب ، العديدة الطوائف والملل والنحل،كبغداد؟ وما بالكم إذا كانت الأمينة امرأة؟! وما بالكم إن كانت التركة الموروثة: مدانة ومديونة وكثيرة العورات؟
…………..
الدروس الدالة المستنبطة من الماضي القريب، تستحق الانتباه والإشارة، بل الإشادة،، فلقد تولى إدارة المنصب نفر من المخلصين، الذين وضعوا بغداد على الجادة، رغم العراقيل والعقبات وشح الموارد.. يذكر من بين أولئك الرواد:حسام الدين جمعة وفايق شاكر، وفخري الطبقجلي،وأرشد العمري، الذي ينسب إليه تنظيم منطقة الجادرية. وشق شارع عريض يخترقها، عرضه ستون مترا، في عهده افتتح ما أطلق - آنذاك - شارع غازي،، وتم ردم مساحات من الخندق الذي كان يحيط ببغداد وحوله لحدائقومتنزهات. في عهده شيدت - ما سمي آنذاك — قاعة الملك فيصل المخصصة للاجتماعات، والقصر الأبيض المهيأ لاستقبال الضيوف، ووضع حجر الأساس لدار الأوبرا،، واستزرع الأرض المهملة، التي عرفت ببارك السعدون. ويقال إنه كان يتابع اداء العمال بنفسه، ليلا او نهارا.
الرعيل الذين جاءوا بعده، لم يكونوا أقل حرصا او أقل أمانة، فمن ردم المستنقعات، إلى إنشاء المدن، إلى تأسيس شبكات المجاري. إلى حملات الاستزراع، إلى مشاريع إسالة وتوفير مياه الشرب،، إلى،، إلى...
اليوم،، بغداد تستغيث من انتشار العشوائيات وندرة الخدمات، وتلوث وشح المياه،وهشاشة المخيمات وتصدع بيوت التنك، وانتشار الأوبئة وتفشي الأنانية ، وتكريس المحاصصة واستحلاب المغانم ،ولكنها- بغداد - تتأمل خيرا على يد سيدة،تراقب سيول كل هذا الخراب ،وهي واقفة على شفا جرف من الغرق !!
فذكّر، إن نفعت الذكرى
[post-views]
نشر في: 1 نوفمبر, 2015: 09:01 م