TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فذكّر، إن نفعت الذكرى

فذكّر، إن نفعت الذكرى

نشر في: 1 نوفمبر, 2015: 09:01 م

استبشر كثير من العراقيين خيراً— النساء منهم قبل الرجال — حين أعلن عن تكليف سيدة عراقية، ذات شهادة عليا، للاضطلاع بمسؤولية إدارية شاقة باهظة التطلب،هي: أمانة بغداد.
ربما، هي المرة الأولى في تاريخ العراق الحديث، ان يتم إسناد منصب شائك شديد التعقيد …لامرأة!!
تذكرنا المبادرة الشجاعة لمن اختارها للمنصب. بحكمة يونانية رمزية طالما ترددت عبر المسامع، كلما تطلبت الإشادة بالقدرات الخلاقة لبعض النساء بشؤون الإدارة، والتفوق الملحوظ على كثير من أقرانها الرجال:: (اربعون رجلا يقيمون خيمة، وامرأة واحدة تبني بيتا)
المعنى الرمزي العميق الدلالة اللابد بين الكلمات، يعلن عن نفسه دون شرح او ترجمة، إشارة لما تملكه المرأة الحكيمة من حرص ودقة، وإخلاص في أداء العمل، وإتمامه على أكمل وجه.
تولي مسؤولية أمانة عاصمة — أية عاصمة —، ما هو بالأمر اليسير او الهين،، مسؤولية ينوء تحت أعبائها أقوى الرجال، فما بالكم والعاصمة الملتبسة المسارب والمتعددة المشارب ، العديدة الطوائف والملل والنحل،كبغداد؟ وما بالكم إذا كانت الأمينة امرأة؟! وما بالكم إن كانت التركة الموروثة: مدانة ومديونة وكثيرة العورات؟
…………..
الدروس الدالة المستنبطة من الماضي القريب، تستحق الانتباه والإشارة، بل الإشادة،، فلقد تولى إدارة المنصب نفر من المخلصين، الذين وضعوا بغداد على الجادة، رغم العراقيل والعقبات وشح الموارد.. يذكر من بين أولئك الرواد:حسام الدين جمعة وفايق شاكر، وفخري الطبقجلي،وأرشد العمري، الذي ينسب إليه تنظيم منطقة الجادرية. وشق شارع عريض يخترقها، عرضه ستون مترا، في عهده افتتح ما أطلق - آنذاك - شارع غازي،، وتم ردم مساحات من الخندق الذي كان يحيط ببغداد وحوله لحدائقومتنزهات. في عهده شيدت - ما سمي آنذاك — قاعة الملك فيصل المخصصة للاجتماعات، والقصر الأبيض المهيأ لاستقبال الضيوف، ووضع حجر الأساس لدار الأوبرا،، واستزرع الأرض المهملة، التي عرفت ببارك السعدون. ويقال إنه كان يتابع اداء العمال بنفسه، ليلا او نهارا.
الرعيل الذين جاءوا بعده، لم يكونوا أقل حرصا او أقل أمانة، فمن ردم المستنقعات، إلى إنشاء المدن، إلى تأسيس شبكات المجاري. إلى حملات الاستزراع، إلى مشاريع إسالة وتوفير مياه الشرب،، إلى،، إلى...
اليوم،، بغداد تستغيث من انتشار العشوائيات وندرة الخدمات، وتلوث وشح المياه،وهشاشة المخيمات وتصدع بيوت التنك، وانتشار الأوبئة وتفشي الأنانية ، وتكريس المحاصصة واستحلاب المغانم ،ولكنها- بغداد - تتأمل خيرا على يد سيدة،تراقب سيول كل هذا الخراب ،وهي واقفة على شفا جرف من الغرق !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram