عندما قرأت العمود الأخير لزميلنا عدنان حسين، الذي عبّر فيه عن خيبة ظنّه بأساتذة الجامعة، استغربت. استغرابي مبعثه هو انني كنت قد عزمت على كتابة عمود بنفس العنوان لكني دائما اتردد واصبّر نفسي على كتابته. ياله من توارد خواطر عجيب. عندما أكملت قراءته عرفت ان لنا خيبتين. خاب ظن زميلي باكتشافه "تدنّي مستوى الوعي الاجتماعي والوطني لهذه النخبة". كان محقا. أما أنا فكانت حسبة خيبتي هي هبوط المستوى اللغوي في أحاديث وتصريحات جامعيينا. لمست ذلك في أحاديثهم خلال تجمعاتهم الاحتجاجية حول تخفيض مخصصاتهم، وكذلك في الذي يكتبونه على صفحاتهم الشخصية او اثناء اللقاءات الفضائية أيام التظاهرات.
اللغة مرتبطة بالفكر. من يريد التعمق بالتفسير فليقصد كتاب استاذنا نوري جعفر "اللغة والفكر". هناك قول تبسيطي جدا لكنه يمس الواقع: "قل ماذا تقول وسأقول لك من أنت". ان تكون أستاذا جامعيا يعني أنك ستساهم في تربية من سيربون أبناءنا في المدارس الابتدائية والثانوية. فاي جيل تدريسي سيخرج من تحت يد أستاذ جامعي لا يجيد قول كلمتين. بعضهم يا عباد الله كان "يهّوس". وبعض، بدلا من ان يرينا ما الذي يفيد البلد والإنسانية من خلال سعيه العلمي، كما فعل علي الوردي، صار يكتب لنا شعرا شعبيا ركيكا ويؤلف أغاني وينشر بوستات من النوع الذي يرغمك على افراغ معدتك من القرف. وفيهم من تشعره يتهجى ما يكتبه حتى انه لا يميز بين الضاد والظاء.
المصيبة الأكبر تكمن في ما نسميه بالدراسات الإنسانية وليس العلمية لان الأخيرة "اشوه" كما يقول المثل. ليش؟ باختصار: تصعب بها الكلاوات. أي سكوت مؤلم هذا الذي في القلب وانا اسمع وارى بأم عيني عشرات يبحثون عن شهادة عليا للدراسة في فرع انساني او ادبي بالخارج واول ما يسألونك عنه هو كيف يعثرون على بلد فيه الدراسة "جته" والرشوة تأتيك بالشهادة وانت في بيتك. أيحق لنا ان نسأل بعد اليوم لماذا لم يخرج لنا عالم آخر مثل على الوردي او جواد علي او مدني صالح؟ عساها ابختك يا عدنان لأنك أنطقت جرحا ما كنت اريد له ان ينطق.
لقد أنطقتَ جرحاً
[post-views]
نشر في: 1 نوفمبر, 2015: 09:01 م