رزمت العائلة البرلمانية حقائب ولدها (...) الهائم بحب الفريق الملكي الاسباني ريال مدريد ، لتحط به الطائرة في ألمانيا لمتابعة فريقه المفضل في مباراته مع نادي بروسيا دورتموند الالماني، لانه لا يمكن ان تفوته اية مباراة للريال كما يقول والده متفاخرا بين زملائه من اعضاء مجلس النواب، لذلك سيغيب عن العائلة التي سافرت صوب الامارات لقضاء ايام العيد في فلتهم الجديدة التي اشتراها الوالد مؤخرا "من عرق الجبين" ، ولا ادري من جبينه ام من جبين المواطن المبتلى بالأزمات، وهذا ما يجعل الأم حزينة جدا على فراق ولدها في العيد.
في الجهة الأخرى من الوطن جلست ام سعيد على بساط الشقاء مع ابنائها الاربعة يتحسرون على غياب والدهم عامل البناء الذي ذهب ضحية لاحدى العمليات الارهابية.
احاديثهم معلقات حزن تدمي القلوب،ولسان حالهم يقول "عيد بأية حال عدت ياعيد"،لا أب يشاركهم الفرح،ولا مال يشترون به الثياب ليستروا عورات العوز .
ام سعيد كانت بانتظار صدقات المحسنين لا لشراء ملابس لابنتها امل ،وانما استخدام ذلك المبلغ كمصاريف لها ولابنائها للذهاب الى قبر زوجها في مقبرة وادي السلام بالنجف ،لعلها تجد حلا عند الأموات بعد ان عجز الأحياء عن انصافها،ستشكو ضيق الحال وقلة الحيلة تحت قبة الإمام علي (ع) عسى ان تفلح بكسب عطف أمير الفقراء.
تدور عيناها بين جدران البيت الطيني باحثة بين مقتنيات البيت البسيطة عن غرض او سلعة تصلح للبيع،ولكن عبثا تحاول لانها باعت كل شيء الا الشرف وكرامة المرأة العراقية الصابرة.
سعيد الذي ترك المدرسة من اجل توفير لقمة العيش للعائلة المنكوبة، امتهن بيع قناني الماء في الشوارع والتقاطعات المزدحمة وما اكثرها في العراق العظيم،يبحث هو الآخر عن مهنة اخرى بعد ان داهمته خيول الشتاء معلنة عن كساد مهنة بيع قناني الماء.
امل ابنتهم الوحيدة الحالمة بدخول المدرسة مثل صديقتها وجارتها بلقيس ،حلمها في العيد أب يشتري لها فستانا،ويثريها بقبلة الحنان في صباح العيد،ولكن حلمها كرأس مقطوع يبحث واهما عن جسد.
الطفلان عمار وعلي وهما التوأم المدلل بوجود أبيهم ،ذهب دلالهما معه وصبغت ملامحهم الوان الفاقة،وليس لديهما خارج البيت من لعبة سوى العبث مع التراب او الخراب لا فرق فكلاهما من سمات عائلة ام سعيد. التفت سعيد باتجاه التلفاز الآيل للخراب ليقرأ على شاشة احدى الفضائيات خبرا مفاده"ان موازنة العراق لعام 2013 بلغت (138)تريليون دينار عراقي"،تأوه سعيد وهو ينظر الى حيرة امه بدمعة تعدل بحورا من الألم والنحيب.
وكل عام وانتم بألف خير.
أرملة تتمنى مع أبنائها قضاء أيام العيد في المقبرة

نشر في: 24 أكتوبر, 2012: 07:11 م