يتكرر استخدام مصطلح (الأسلوب) في الفنون الجميلة جميعاً وفي الفن المسرحي بشكل خاص. أما مصطلح (الأسلبة) فلا يستخدم إلا في حدود فنية معينة، أما (الأسلوبية) فهو اتجاه او تيار فني او ادبي له صفاته الخاصة.
الأسلوب هو الطريقة التي ينجز بها الفنان عمله الفني وتخص هذه الطريقة بشكل العمل الفني وتركيبه، ففي فن الرسم مثلاً، للواقعية اسلوبها حيث يقترب بشكل اللوحة وتكوينها من ذلك الذي في الحياة او في الواقع وبمعنى آخر هناك محاكاو للواقع . واسلوب المدرسة الانطباعية لا يعتمد على المحاكاة بقدر اعتماده على انطباع الفنان الخاص عن ما موجود في الحياة وقد لا تكون هناك مطابقة . اسلوب التعبيرية يعتمد على الصور الحلمية التي تتراءى للفنان وقد يكون فيها تشويه في الأشكال وعدم انسجام في الألوان وقد يكون هناك تناقص في التكوين وفي الايقاع.
في المسرح هناك اختلافات واضحة واساليب كتابة المسرحيات فأسلوب المسرحية الكلاسيكية مثلاً اعتمد على اللغة الشعرية في حين ان اسلوب كتابة المسرحية الواقعية اعتمد على النثر كونه اقرب الى الكلام في الحياة الواقعية اليومية.
واسلوب كتابة المسرحية الرمزية او التعبيرية او السوريالية يتخذ طابع التجريد والأسلبة والتناقض في الايقاع في النغم وفي الصور المرئية والصور الذهنية. واسلوب مسرح اللامعقول له صفاته ويعتمد بناء مسرحياته على الشكل الدائري وليس الشكل الهرمي او المستقيم. ويعرف (ابراهيم حمادة) الأسلوب في معجمه لمصطلحات (الدراما والمسرح)، على انه "طقس التعبير من الناحية المذهبية". وهذا تعريف غامض ، كما انه يخلط بين الاسلوب والاسلبة فيقول عن الأسلبة للمسرحية معناها اعطاؤها اسلوباً معيناً كالكلاسيكية والرومانتيكية والتعبيرية وهنا يتعدى تفسيره للاسلوب الى الطراز في حين ان الاسلبة تعني التجريد، ويخلط (محمود محمود كحيله) في معجمه لمصطلحات المسرح والدراما بين الأسلوب والأسلبة حيث يؤكد ان المصطلح الأخير يعني التوجه نحو التجريد في حين ان (الأسلوب) يعني طريقة العمل.
نلاحظ مثل هذا الخلط بين الأسلوب والأسلبة والأسلوبية في (المعجم المسرحي) لماري الياس وحنان قصاب حسن ومع انهما لم يعرفا (الأسلوب) إلا انهما يقولان ان "الأسلبة كلمة مشتقة عن كلمة اسلوب ويؤكد ان الأسلبة في الفن هي توجيه نحو التجريد." والتجريد معناه التخلص من التفاصيل. وتذكران ان بالامكان تحقيق الأسلبة في كل مكونات المسرحية، اي على مستوى التكوين الدرامي في النص وعلى مستوى العرض وهنا اضرب مثلاً عن اسلبة المنظر المسرحي التي لجأ اليها المخرج الروسي (ميرهولد) وذلك بلجوئه الى فن النحت التركيبي الذي كان سائداً في بلده وفي زمنه. حيث يظهر النحات في منحوتته المادة التي ركبتها وكيفية تركيبها او بنائها من غير اظهار التفاصيل الأخرى. واضرب مثالاً آخر من المسرح العراقي بشأن اسلبة المنظر المسرحي ما فعله المخرج (بدري حسون فريد) عندما أخرج مسرحية ابسن الواقعية (عدو الشعب) حيث لم يصمم منظراً لبيت نرويجي بكل تفاصيله الداخلية بل اكتفى بستائر سوداء تغطي جدران المسرح الثلاثة واضاف اليها أطرا بيضاء تمثل الابواب والشبابيك.
يبدو لي للوهلة الأولى ان للاسلبة علاقة بمصطلح الاستلاب او مصطلح الابعاد او التغريب الذي استخدمه.
الأسلوب والأسلبة والأسلوبية!!
[post-views]
نشر في: 2 نوفمبر, 2015: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...