2-5
الحصيلة التي عثرت عليها في البحث عن ترجمات كتاب "آلام فرتر" للألماني غوتة هي ست ترجمات، الأولى لأحمد رياض (الذي للأسف لم نجد عنه أية معلومة في الانترنيت) التي صدرت عام 1919 عن مطبعة التقدم في القاهرة، وآخرها ترجمة نظمي لوقا التي صدرت ضمن سلسلة روايات الهلال في القاهرة 1977، وبينهما أربع ترجمات، هي حسب تاريخ صدورها: ترجمة عمر عبدالعزيز أمين (1927 دار الجيب، القاهرة)، ترجمة نخلة ورد (دمشق، مطبعة العلوم والآداب 1950)، ترجمة أحمد حسن الزيات (لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1961)، ترجمة فؤاد فريد (القصص العالمية للجميع، المكتبة الحديثة، دار الشرق العربي، بيروت، بدون تاريخ سنة صدور). كما قلنا، كل هذه الترجمات جاءت للأسف عن لغة غير اللغة الألمانية، وإذا لم يخطئ بعضها بالترجمة، فقد أسقط البعض الآخر أجزاء منها، كما حدث في ترجمة فؤاد فريد، الذي اسقط يوماً كاملاً، يوم 12 أغسطس-آب الذي احتل قرابة 7 صفحات من الجزء الأول في النص الأصلي لغوتة، ربما سقط من الترجمة التي نقل عنها، أو ربما لم تعجبه ترجمته، وهذا ما يمكن أن يحصل لكل من ينقل عن لغة أخرى غير الأصل. هكذا هو الأمر . لكن تظل ترجمة المصري أحمد حسن الزيات، التي نقلها عن اللغة الفرنسية، هي أكثر الترجمات شهرة وقوة، ربما جاءت شهرتها بسبب المقدمة التي كتبها مشيداً بها، الدكتور طه حسين، الذي أُطلق عليه عميد الأدب العربي، إذا لا تكون بسبب ترسيخها لأسلوب جديد بالكتابة، حرص على تمييز نفسه عن مدرسة البلاغة اللغوية بأشهر أعلامها محمد لطفي المنفلوطي. وللتأكيد على التميز يكفي أن نعرف أن الزيات كان يترجم، لا يهمه أنه في "آلام الشاب فرتر" لم يترجم مباشرة عن الألمانية، إلا أنه ترجم رواية "روفائيل" للكاتب الفرنسي لامارتين عن الفرنسية، على عكس المنحى الذي اتبعه محمد لطفي المنفلوطي، الذي كان يمكن تصنيفه "ناقلاً" أكثر منه مترجماً، يستمع إلى شخص مضطلع بلغة الكتاب الذي خطط لترجمته، ليصيغ الكلام الذي يسمعه بعمل أدبي، كما فعل في روايات عديدة: رواية بول وفرجيني التي منحها عنوان "الفضيلة" للكاتب الفرنسي برناردين دي سان بيير من أدباء القرن التاسع عشر في فرنسا وكُتبت في العام 1789، رواية "سيرانو دي برجراك" للكاتب الفرنسي أدموند روستان التي منحها عنوان "الشاعر" (نُشرت بالعربية 1921)، رواية "تحت ظلال الزيزفون" للكاتب الفرنسي ألفونس كار ومنحها اسم "ماجدولين"، أما في كتابه (العبرات) فنشر قصة عن رواية "غادة الكاميليا" للكاتب الفرنسي الكسندر دوماس الإبن، ثم رواية "اتالا" للروائي الفرنسي الفيكونت دوشاتوبريان. وهو في كل ذلك يقتبس ويتصرف ويصيغ على هواه، ولا يهم أن يضع اسمه على غلاف الكتاب كمؤلف. أحمد حسن الزيات الذي بدأ من حيث انتهى إليه المنفلوطي، لم يفعل ذلك. لنلاحظ، أن المنفلوطي توفي عام 1924. وهو نفس العام الذي انتقل فيه الزيات إلى باريس لنيل درجة الليسانس في الحقوق، بعد أن كان درس لمدة سنتين في كلية الحقوق الفرنسية في القاهرة. وفضلاً عن اتقان الزيات اللغة الفرنسية، على عكس المنفلوطي الذي لم يتعلمها، حاول أن يكون أكثر حرصاً على النص الأصلي من مؤلفه، كما فعل مع غوتة في آلام الشاب فرتر.
* من مقدمة كتاب "آلام فرتر" للألماني لفولغانغ يوهان غوتة، الذي صدر قبل أيام عن دار النشر المصرية صفصافة بترجمة الروائي العراقي نجم والي، والتي هي أول ترجمة عربية للكتاب عن لغته الأصلية الألمانية.
يتبع
كل هذه الترجمات.. كل هذه الدهشة في النهاية: لا مقدس يعلو على الحب
[post-views]
نشر في: 3 نوفمبر, 2015: 09:01 م