ما أن أعلن رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم البحريني سلمان بن إبراهيم ترشيحه رسمياً لانتخابات الاتحاد الدولي للعبة المؤمل إجراؤها يوم 26 شباط العام المقبل، حتى أخذ الانشقاق العربي يمارس لعبة التملّق والمنابزة بينه وبين شقيقه الأردني علي بن الحسين الذي سبقه في دخول حومة المنافسة بشجاعة ووقوفه نداً للرئيس جوزيف بلاتر أول مرة منذ انتخاب الأخير لقيادة (فيفا) في 8 حزيران 1998 كاسراً طوق الحذر الذي خيّم على كرسي الرئاسة بوجود الداهية العجوز!
أي دهاء عربي نتوقع ، ونحن نرى الانقسام الواضح في الرؤى العربية لهوية مرشح منصب كنا نحلم منذ الولاية الأولى برئاسة الفرنسي روبرت جورين ( 1904 ـ 1906 ) حتى الرئيس الثامن جوزيف بلاتر (1998- 2016) أن يكون لنا موطىء قدم في عضوية تنفيذية (فيفا) قبل ان تُملي حسابات المصالح وجغرافية القارات اختيار عدد ضئيل من العرب للتنفيذية ذاتها، لهذا ليس من السهل أن يمنح المتنفذون الكبار في أوروبا وأمريكا الجنوبية ثقتهم للعرب ويسلموهم مقدّرات المؤسسة العالمية التي حوّلها بلاتر خلال حقبته الى " دجاجة تبيض ذهباً بطرق فاسدة "!
إن تجربة ابن الحسين برغم وِئدها في انسحابه بعد الجولة الأولى بحصوله على 73 صوتاً مقابل 133 لبلاتر - يحتاج المرشح الى دعم ثلثي الأعضاء 139من مجموع 209 عضواً ليحسم فوزه من خلال جولة واحدة- ، إلا أنها تجربة مهمة لجسّ مدى قبول الآخرين بشخص عربي ووجه جديد لاصلاح مؤسسة خرّبها الفساد والتآمر والكيل بمكيالين، واعتقد ينبغي ألاّ نفرط بالتفاؤل حتى بتغيّر سيناريو التنافس بعد ازاحة بلاتر بسبب قضايا تحقيقية في رشى شراء الأصوات لملفات كروية عدة!
وهو درس لسلمان ايضاً عليه أن يعيه جيداً، ولا يندفع بحملة انتخابية تستند الى تأييد اصوات اتحادات معدودة قد لا تحفظ عهودها بتأثير توازنات المصالح مع مرشحين مؤثرين. وبعيداً عن أحقية سلمان من عدمه، فكرنفال 26 شباط ليس مدعاة لبهرجة إعلامية باعتلاء منصّة التنافس والتحملق باتجاه صندوق المفاجآت، انها مسؤولية أخلاقية قبل كل شيء، فالشخصية العربية مُصانة ومُهابة في كل زمان ومكان، لكن من السَخف الحديث عن حسم عربي لحرب التصويت في ظل وجود دعم عالمي بكل ما هو متاح من وسائل للمرشح الايطالي جياني اينفانتينو الذي يحظى بتأييد الاتحاد الأوروبي باعتباره سكرتيره العام مبرراً ذلك (أي يويفا) " للحفاظ على وجود منافس أوروبي بعد ايقاف بلاتيني في حال فشل الأخير في تنظيف سجله قبل موعد الانتخابات"!
فماذا بوسع العرب اتخاذه من حكمة قبل بدء الانتخابات؟ أي عاقل لا يرتضي هذا التمزق والتكتل بيننا، لنعط الدرس البليغ حتى في مصالحنا الكروية، الموقف الواحد اسلم حلّ، وفيه قوة للشخصية العربية وسياسة احتواء الآخر لتعضيد مرشحنا الواحد ، وهذا لن يحدث إلا في قمة عربية برسم الفيفا تكون العاصمة القطرية الدوحة مسرحاً لها باعتبارها عاصمة العرب المونديالية وهي تترقب تضييف البطولة بعد سبعة أعوام ، لنجتمع كلنا هناك إتفاقاً أولاً على مرشح واحد علياً كان أم سلمان ، ثم نُشهر التأييد الكامل له بتحشيد إعلامي نستقطب فيه حتى الاصدقاء، وننهي حكاية التحركات الخفية لاستمالة هذا الطرف أو ذاك على حساب قضايا عربية جمّة ، فهل يفعلها العرب ويصوتون لمرشح واحد؟!
قمة فيفا العربية
[post-views]
نشر في: 4 نوفمبر, 2015: 09:01 م