TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مَن يفضح السِرّ ؟

مَن يفضح السِرّ ؟

نشر في: 4 نوفمبر, 2015: 09:01 م

بعيداً عن ضرب الأخماس بالأسداس حول ملابسات الرحيل المفاجئ للدكتور أحمد الجلبي : هل هو حتم القضاء وحلول الأجل المسمى او نتيجة التسميم العمد بفعل فاعل او أكثر ، لتغييب الرجل عن الساحة الملغومة ، ودفن أسراره الخفية معه ، وبرغم تغلغل بذور الشك بتربة اليقين ، فقد شكّل إعلان رحيل الجلبي مفاجأة غير محسوبة ، فالرجل الأكاديمي الحاصل على شهادة عليا من جامعة أميركية مرموقة في مجال الاقتصاد والمال والأعمال ، كان رقما صعبا على نسيج الخارطة العراقية في وضعها الراهن .
الجلبي أحمد ، الكثير الأعداء والعداوات ، الكثير الحساد والخصوم ،الكثير المريدين والمنتفعين ،القليل الأصدقاء الحقيقيين ، المنزهين من هوى المنفعة الآنية او المصلحة الشخصية ، كان وسيظل مثيرا ومثارا للجدل ، كلما تصاعد سؤال : ماذا يبغي الرجل بعد تجاوزه سن السبعين ؟
الجلبي الذي رحل حتى من دون كلمة وداع لأحبائه ، كان كنز معلومات ، كنز خبرات ، كنز أسرار ، والذين قرأوا الخبر ، قرأوه مرتين ، الأولى للتأكد منه ، والثانية لاستقراء ملابساته ، فالرجل الذي كان كثيف الحضور في الذاكرة العراقية ، وعلى شاشات الفضائيات برغم اختلاف الأسماء والمسميات ، وحتى اختلاف الأجندات ... كان يبدو بكامل لياقته الصحية ، وكان أكثر ما يلفت النظر بتلك المقابلات ذاكرته الاستثنائية القوية ،لاسيما في عملية اختزان الأرقام — كبيرة وصغيرة — ونادراً ما كان يستعين بورقة مكتوبة ، وكنت كغيري نعجب برجل في السبعين له كل هذي الحافظة المذهلة في استذكار الأرقام الكبيرة ، كتلميذ نجيب يؤدي امتحاناً في الحساب ويحفظ النتائج عن ظهر قلب !
رحيل الجلبي المفاجئ — برغم تعدد الأسباب وتباينها — درسٌ للأحياء من ساسة ومسؤولين ، ممن لم يشبعوا من جاه مستعار أو مال حرام أو ملذات زائلة ، وما ارتووا من نفوذ زائف وسلطة مؤقتة …..فهل هناك مَن استوعب الدرس في رحيل الجلبي ؟ وهل هناك مَن يتعظ ؟؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

باليت المدى: جوهرة بلفدير

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram