TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > حوار الطين والنار..جداريات الخزاف العراقي "سلام جميل" تلوذ بالحداثة والمعاصرة

حوار الطين والنار..جداريات الخزاف العراقي "سلام جميل" تلوذ بالحداثة والمعاصرة

نشر في: 7 نوفمبر, 2015: 12:01 ص

يمكن القول عن تجربة الخزاف العراقي ( سلام جميل ) المغترب منذ سنوات بمدينة مشيغان الامريكية بانها تجربة تكميلية لمسيرة عدد من الخزافين العراقيين المجددين ابتداء من الرائد الراحل ( سعد شاكر) ومرورا بالاستاذ (شنيار عبد لله) وغيرهم من اولئك الذين حاولوا

يمكن القول عن تجربة الخزاف العراقي ( سلام جميل ) المغترب منذ سنوات بمدينة مشيغان الامريكية بانها تجربة تكميلية لمسيرة عدد من الخزافين العراقيين المجددين ابتداء من الرائد الراحل ( سعد شاكر) ومرورا بالاستاذ (شنيار عبد لله) وغيرهم من اولئك الذين حاولوا الربط بين الفنان كذات ومنتجه الفني بوشائج ثقافية جمالية تكاملية ومالها من تأثير المثاقفة التبادلية بين الإنسان المبدع ومحيطه البيئي والجمالي والحضاري من ناحية وبين تشكيل ذاكرة بصرية ومرجعية ثقافية لهذا النمط الإبداعي . فكانت تجاربه الفنية في عالم الخزف خلال اكثر من ثلاثين عاما محاولة جادة للكشف عن القوانين البنائية والصيغ الجمالية واستثمارها في صياغة اعماله الخزفية للوصول بها إلى علاقات عضوية تجسد قيماً تشكيلية خاصه به كفنان وبحرفيتة كخزاف عارف باسرار وتقنيات بناء ومعالجات السطحية الطينية ومجسدا لخيال الفنان المبدع في خلق علاقة جدلية بين التصور والشكل عبرالبحث الدائم عن جوهر تلك البنائية لاستخلاص نظم وتراكيب وعلاقات شكلية جديدة ومبتكرة. فكما يؤكد (جيلفورد) أن "التفكير الإبداعي تفكير افتراقي يتميز ببحث وانطلاق في اتجاهات متعددة، وهذا يتوافق ومفهوم التجديد وممارسة التجريب، والتربية الفنية تدعو إلى التجديد بمفهوم الفكر الإبداعي وذلك من خلال إيجاد صياغات وحلول سواء لموضوع أو عنصر تشكيلي معين، من خلال ممارسة الأسلوب التجريبي كآداء لبعض التنظيمات الحركية بين الأشكال, والمساحات, كالتبادل، والتجميع، والتناوب، والتتابع، والتنظيم المنعكس، والحذف، والإضافة ."
والفنان (سلام جميل ) هو ابن الطين وهو الوريث الشرعي لذلك الخزاف الرافديني البدائي الذي رسم للعالم قبل ملايين السنين شكل الحرف الاول وصورالكتابة برموزه على الواح الطين ليضيف للحضارة اولى لبنات المعرفة والجمال ، لذا لن يبتعد كثيرا في فنه بين التجلي الإبداعي والتمكن من التقنية والعمق الفكري لتحقيق رؤية خزفية جديدة تتميز بالجدة والتفرد والحيوية . للخروج من الحيز النفعي والتزييني للخزف والعودة به إلى فضاء التعبير الجمالي ، أسوة بالفنون البصرية الاخرى التي تتخذ هذا الاتجاه، والتي تهدف إلى الارتقاء بمستوى الجمال الذي يرنو اليه . فامست أعماله تتضمن قيماً جمالية وتعبيرية تضاهي تلك فنون التشكيل الاخرى إن لم تكن تتفوق عليها أحياناً . اننا نعرف إن فن الخزف هو فن الرسم بالنار والطين ‏,‏ وهو نحت وتصوير وصناعة ‏، فما كان منه الا استبعاد دور "الدولاب " المتوارث والأشكال المستديرة الممتلئة بالنفعية المنزلية والتزيينية لصالح نزعة تجريدية تعبيرية مفتوحة على الارث الفني والجمالي الواسع للفن ليذهب به صوب الجدار فيعود الى روافد النحت العراقي القديم من الرقم الطينية وجدران المعابد والمدن ليوائم بها صيغا ارتبطت بتجربته بالخروج عن المألوف نحو الابتكار والتجديد، سواء على صعيد شكل العمل الخزفي، أو على صعيد الوظيفة الاستخدامية . فكانت جداريته التي طوع بها بين التلقائية والقصدية الفنية اذ منح المحيط طابع معماريا، ادمج فيه الاشياء المحيطة بالبيئة وخلق نبرة فنية متميزة لا يبتعد فيها طابع التشكيل المعاصر عن ابداعه كرسام وخزاف في ذات الوقت .
اذ تتسم اعماله بذلك الانسجام التجسيمي والقدرة على استيعاب تعبيرات المكان وربطها بشمولية تلك الرموز المتولده استحداثا او المستعارة وبتطابق ايقاعي بين شكل الكتلة الجدارية وقدرتها الاستيعابية على التعبير بايماءات روح الطين البدائية والمعاصرة ، فهو اذ يذيب كل تلك الرموز البنائية انما يحاول من خلالها الكشف عن المخزون التعبيري وعن ذاكرة الاشياء المرموزه جماليا ، فالمكان في اعمال الفنان واسع ومنبسط على جدار الواقع عبر عدد من التوليفات والمفردات الرمزية مراعياً ما تحتويه تلك التشكيلات من قوانين التوافق والايقاع والتنوع بين مفرداتها ،لا تخلو من نظام ووحدة رابطة بين كل عناصرها .فهو اذ قام باضافة التشكيل الحروفي واشكال الابواب والقباب ومفردات اخرى كقيم مضافه تأخذ مداها التقني والفني المشغول برهافة وإحساس اقرب إلى الهندسة المدروسة منها إلى التلقائية مستجمعا الخزين المعرفي والتجربة الشخصية ممزوجا بخيال الفنان ورؤيته الجمالية ليحدد في النهاية ملامح العمل الفني، بأسلوب رمزي إيحائي يستوعب كل تلك التراكيب المكونه للجداريات قطعة بجوار أخرى حيث تختلط الأبعاد لترتقي الى بعد ثالث . فصفوف المجسمات تتداخل في خلق سطوح مجسده لرؤية ما ورائية يتقصد الفنان في الحفر في ثناياها مستعينا بلون الطين ذاته بدرجات متباينه غير مبتعد عنه في اغلب اعماله ، بينما تتداخل الالوان الاخرى في الايحاء ذاته كاللون الفيروزي الشرقي الملامح ان الفنان متعلق بمرجعية تلك الرموزالمستمدة من جذورالثقافة الرافدينية والإسلامية ، يطورها بشكل تجريبي جمالي معاصر . ليبدع أشكالا خزفية تثري المشهد التشكيلي عبر مساهماته في العديد من المعارض التشكيلية الشخصية والمشتركة في العراق والأردن والكويت وقطر والبحرين والولايات المتحدة الأمريكية وله مقتنيات في العديد من دول العالم وصالات اشهر الفنادق والمتاحف العالمية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

امريكا تستعد لاخلاء نحو 153 ألف شخص في لوس أنجلوس جراء الحرائق

التعادل ينهي "ديربي" القوة الجوية والطلبة

القضاء ينقذ البرلمان من "الحرج": تمديد مجلس المفوضين يجنّب العراق الدخول بأزمة سياسية

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram