TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نعم.. ناقل الكفر ليس بكافر

نعم.. ناقل الكفر ليس بكافر

نشر في: 7 نوفمبر, 2015: 09:01 م

ليس دائماً "في النهاية، لا يصحّ إلّا الصحيح"، فأهل الباطل كثار بالمقارنة مع أهل الحق، كما طريق الحق قليل سالكوه بحسب الإمام علي وسائر الحكماء وأهل الخبرة، وأهل الباطل غالباً ما تكون السلطة والنفوذ والمال في أيديهم فيستثمرونها في إزهاق الحقّ.
أمس صحّ الصحيح في قضية تتعلق بميدان مهنتنا وبحرية عملنا نحن الإعلاميين، وعمِلنا طويلا من أجلها. محكمة قضايا النشر والإعلام أصدرت أخيراً حكماً تاريخياً يحول من الآن فصاعداً دون التعسّف في حقّ الصحف وسائر وسائل الإعلام ما دامت تعكس الواقع كما هو وتنقل الكلام على ألسنة قائليه من دون تحريف. الحكم القضائي هذا يقول بعدم مسؤولية الإعلامي عمّا يرد على لسان ضيوفه، باعتبار أن مهمة الإعلامي تفرض عليه نقل ما يرد على لسان الغير.
وفي بيان أوضح قاضي المحكمة محمد حبيب الموسوي أن "المحكمة أصدرت مؤخراً قراراً عدّت فيه أن مقدم البرامج التلفزيونية أو المراسل غير مسؤول عمّا يرد على لسان ضيوفه وإن كان يتضمن قذفاً أو سبّاً وشتماً".
هذا الحكم لا يستمدّ شرعيته مما هو سائد في البلدان المتحضرة ذات النظام الديمقراطي فحسب، ففي تاريخنا هناك ما يمكن أن يستند إليه الحكم، إذ أن القاعدة الجارية هي أن "ناقل الكفر ليس بكافر"، وهذا مبدأ صحيح، خصوصاً إذا كان نقل "الكفر" أمراً لا مفرّ منه، أو ليس في وسع الناقل، مراسلاً أو محاوراً أو محرراً، تجنبه والحؤول دونه.
لكن هل سيشجّع الحكم الجديد على جعل وسائل الإعلام وسائط للسبّ وتبادل الاتهامات، ويطلق العنان للشحن الطائفي والقومي بلا حساب؟ .. نعم سيكون الأمر كذلك نظرياً، لكنّ الحكم لا يُسقط حق المتضرر من السبّ والاتهام والشحن عبر وسائل الإعلام من مقاضاة "الكافر" أو الشتّام أو مطلق الاتهامات، فهذا هو الأمر الصحيح وليس مساءلة الإعلامي أو الوسيلة الإعلامية عن نقل "الكفر" أو السباب أو الاتهام الباطل، فمهمة الإعلامي كما قال رئيس محكمة النشر والإعلام في بيانه، "تفرض عليه نقل ما يرد على لسان الآخرين، وبالتالي لا يمكن مساءلته قانوناً"،.
قرار محكمة النشر الأخير من شأنه تعزيز حرية الإعلام في البلاد على وفق ما كفله الدستور ولم يجد تطبيقه الكامل بعد، فالإعلاميون ومؤسساتهم ظلّوا عرضة للتهديد بالغرامة وحتى بالسجن عن كلام منقول من المفترض أنه لا يعبّر عن رأي أو موقف الإعلامي أو مؤسسته، بل قد يتعارض معهما. لكنّ هذا الحكم يتعيّن في الوقت نفسه أن يعزّز روح التحلّي بالمسؤولية الاجتماعية لدى الإعلاميين ومؤسساتهم، وفي هذا الإطار يمكنهم على سبيل المثال أن يطلبوا من المتحدثين إليهم أن يقيموا الدليل على ما يوردون من اتهامات يُمكن لها أن تضرّ بمصالح الآخرين وبسمعتهم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram