" السكوت علامة الرضا " ...كم من فتاة قادتها هذه العبارة الى مصير بائس ترفضه بشدة في اعماقها ..هذه العبارة التي يطلقها اهل الفتاة فتعقبها همهمات رجالية فخورة بتربية البنات على الطاعة لاتعبربالضرورة عن رأي الفتاة التي لابد وان حاصرتها نظرات والدها النارية ولسعتها اوجاع صفعات شقيقها ..بهذه الطريقة رافقتنا عبارة " السكوت علامة الرضا " طوال عقود فقد تربينا على الطاعة الموصومة بالخوف من مصير مرعب وبالتالي القبول بمصير بائس !
وحين حلت الديمقراطية ضيفة عزيزة بيننا ، ايقنت الفتاة ان بإمكانها منذ الآن ان تقول (لا) بملء فمها وان نتمرد اخيرا على الخوف الكامن في اعماقنا ونلقي بمتاعبنا خلفنا حين نختار من يمثلنا ويطالب بحقوقنا وحين يمكننا ان نطلق أصواتنا في الفضاء لنرفض التقاعس والتقصير في خدمتنا فقد جاءت الديمقراطية لتخدمنا ....أليس كذلك ؟...لكن عقدا من السنوات واكثر مر على حلول الضيفة العزيزة دون ان نحظى بما حلمنا به زمنا ...وهكذا تهرب السنون منا ببساطة ونحن نواصل الحلم بتغيير ايامنا الى الافضل ؟...لم يصبح التعليم افضل بل انحدرلتخلو منا قائمة افضل الدول في التعليم عالميا وعربيا ، وازداد الفساد انتشارا لنصبح على رأس قائمة الدول الغارقة في الفساد المالي والاداري والسياسي ، وهبطنا من خط الفقر الذي تمرغنا عليه في فترة الحصار الاقتصادي في التسعينات لنصبح تحته ومازلنا نهبط ونهبط حتى ليطمرنا التجاهل والنسيان ..لقد عدنا الى زمن الكوليرا الذي قضى عليه التطور الطبي والعلمي في الدول الاخرى وصرنا نخوض هجرة معاكسة الى دول اخرى بحثا عن الحياة والعمل بعد أن كان بلدنا قبلة الباحثين عن الثراء والاستقرار ..ففي المانيا وايطاليا ، تفرض الحكومات ضرائب باهظة على الدخل الثاني للاسرة لكي تجبر المرأة على التفرغ لتربية الاطفال بعد الانجاب وبالتالي يزداد الطلب على الايدي العاملة الواردة من الخارج مايمثل بالنسبة لهم مشكلة..أما في مجتمعنا فلا نعاني من مشكلات معقدة كهذه فنحن نحقق معدلات انجاب عالية رغم كل الظروف دون أي تشجيع حكومي ..أما عن فرص العمل المتاحة امام النساء فهي ليست مشكلة على الاطلاق لأن مشكلتنا الحقيقية حاليا هي في توفير فرص عمل للرجال اولا ولهذا بدأوا يهاجرون ليحلوا مشاكل الغرب ويفاقموا مشاكلنا!!
مؤخرا ، وبعد ان أدركنا ان الحكم الديمقراطي لايلائم البشر لكماله ، ونحن لسنا من الآلهة لنستحق هذا الحكم وحكامنا يجيدون ادعاء الوطنية وجهودهم كابنائهم تحمل ملامحهم لتفضح الادعياء منهم ، حاولنا ان نتمرد على صمتنا فخرجنا الى ساحات التظاهر وحملنا مطالبنا عاليا ليراها " الكبار" وفضحنا الفاسدين والمجرمين منهم وطالبنا بمحاكمتهم ومرت الاسابيع لنكتشف اننا نزداد بطالة وامراضا وفسادا واهمالا وتجاهلا وصرنا نهبط ونهبط تحت مستوى خط الفقر حتى لتغمرنا مياه الامطار ويدفننا التجاهل والنسيان ..الى اشعار آخر ...هل سنرضخ اخيراً ونسكت كعلامة للرضا حتى لوكان لنا رأي آخر ؟...ربما سيحصل ذلك ويزفنا حكامنا وهم فخورين بطاعتنا ...الى مصير اكثر بؤساً !!
السكوت علامة الرضا
[post-views]
نشر في: 9 نوفمبر, 2015: 09:01 م