الانبار/ عثمان المختاريستعد اغلب المواطنين في العراق الى اتخاذ اجراءات احترازية بداية كل يوم لتفادي تعرضهم للعمليات الانتحارية فمنهم من يتجاوز الاماكن والبنايات الحكومية باعتبارها مستهدفة، وبرغم هذه التحوطات يدفع المواطنون ضريبة الارهاب.
وقال تقرير لمعهد صحافة الحرب والسلام في الفلوجة حول تفجيرات الانبار الاخيرة ان عائلة حليمة هاشم تعدّ في الثلاثين من كانون الاول من كل عام العدة للاحتفاء بيوم العائلة. حليمة البالغة العقد الثالث من العمر، قالت في الصباح الباكر لأولادها الأربعة بانها ستطبخ عشاء كثيراً بعد ان تتبضع بالراتب المعاشي للأرامل الذي كانت ستتقاضاه في ذلك اليوم. كما وأستعارت فستان جارتها الاسود الجديد لترتديه وهي تزور قبر زوجها على طريقها. وبعد أقل من ساعة بعد ذلك، كانت حليمة تنتظر ان تقبض راتبها المعاشي حين هاجمت شاحنة مفخخة المجمع الحكومي الرئيسي لمحافظة الأنبار، حيث كانت الناس تنتظر في طابور لتقبض رواتبها المعاشية. وبعد فترة قصيرة كانت ترقد في المستشفى تغطيها الضمادات والأنابيب المتداخلة.قتل انفجار الرمادي المزدوج في الانبار، 30 شخصاً وجرح أكثر من مئة شخص. وبالرغم من ان الهجوم أستهدف مسؤولين كباراً إلا ان مدنيين، على الاقل سبعة نساء وثلاثة أطفال، كانوا بين القتلى أيضاً. ويتضمن المجمع الحكومي بناية استشارية المحافظة ومركز للمساعدات يوزع رواتب للعوائل ذات الدخل المنخفض والتي فقدت معيليها. وقد عاشت هاشم وأولادها على بيع الخبز في وسط الرمادي منذ ان قتل زوجها من قبل القاعدة في 2006. وكانت تنتظر دورها في الطابور حين انفجرت شاحنة محملة بأربعة أطنان من المتفجرات على بعد حوالي ثلاثين متراً. وبالاضافة الى النساء السبعة اللواتي قتلن، فقد أصيبت عشرة أخريات بجروح خطيرة وبقين في مستشفيات الرمادي والفلوجة ، وذلك بحسب الدكتور عبدالله الدليمي وهو أختصاصي جراح. وكل الضحايا السبعة عشر كانوا من الارامل اللواتي قتل أزواجهن خلال فترة العنف المسلح الذي ضرب محافظة الأنبار بين 2004 و2006. كانت النساء، وبعضهن برفقة أطفالهن، ينتظرن منذ الساعة الثامنة والنصف صباحاً ليقبضن مصروفهن الشهري البالغ 100.000 دينار عراقي، أي ما يعادل حوالي 90 دولاراً أمريكياً. وقتل الانفجار ثلاثة أطفال لم يبلغوا سن السادسة وجرح ستة آخرين. « كنت السادسة في طابور الانتظار. تكلمت قليلاً مع النساء اللواتي كن ينتظرن أيضاً لأننا نلتقي كل شهر. كان هناك شرطي يقف بالقرب منا وهو ينظم الناس في الصف، وأعتقد بانه قتل في الأنفجار.» قالت هاشم ذلك لمعهد صحافة الحرب والسلام في الحادي والثلاثين من كانون الأول وهي ترقد في أحد مستشفيات الرمادي. وبينما كانت تتكلم حاولت جهدها ان تغطي سيقانها بفستانها الملطخ بالدم. وأضافت هاشم « كنا نتهيأ لدخول المبنى في حوالي التاسعة والنصف صباحاً. كل ما أتذكره هو موجة حرارة ودوي قوي. تطايرنا في الهواء مثل سقوط قميص من حبل الغسيل. تساقطت الشظايا وقطع الزجاج على رؤوسنا. كانت الصرخات والنواح ترتفع من كل الجهات». هنا تيقنت هاشم بأنها ستموت، لكن فكرة ان اطفالها يصبحون يتامى أعطتها القوة لتبقى على قيد الحياة. وفقدت وعيها أخيرا حين سقطت قطعة حديدية حارة على صدرها. وقالت «أستيقظت في المستشفى والأطباء يحيطون بي. وجلبت جارتي التي أستعرت منها الفستان أطفالي. قال لي الطبيب بانني سأكون قادرة على الخروج من المستشفى خلال بضعة أيام. ولكن يجب علي ان اراجع المستشفى اسبوعياً لكي يتأكدوا من عدم وجود إلتهابات».يقول الدكتور محمد فارس بأن حليمة هاشم تعاني من اصابات خطيرة في الرأس والظهر بالاضافة الى جروح في غاية الخطورة في الصدر والتي قد تتطلب عملية جراحية واسعة. بالرغم من ان الأطباء قد منعوا أي نوع من تماس جسدي مباشر مع هاشم، إلا ان طفلتها والبالغة من العمر سبعة أعوام أستطاعت ان تصل الى جانبها، وبينما كانت تمطر رأس أمها بالقبلات همست بانها ستجد في دراستها وستبذل ما في بوسعها لكي تُبقي مهنة بيع الخبز تستمر مع اخوتها واخواتها. «نمنا لوحدنا في اليومين الأخيرين، نخاف حين تنقطع الطاقة الكهربائية في الليل». حين قال أحمد أبن حليمة هاشم والبالغ من العمر 13 عاما ذلك، بدأ كل من بالغرفة في البكاء. و أضاف « لا اريدها ان تتركنا مثلما تركنا والدنا. فنحن بحاجة اليها.ترقد صبيحة فاضل في الغرفة المجاورة وهي ضحية أخرى للأنفجار. صبيحة، البالغة من العمر 30 عاماً وهي من سكان الفلوجة تعاني من حروق شديدة في وجهها وبحاجة الى عملية جراحية لإزالة قطعة شظية تبلغ ثلاثة سينتمترات خرقت ظهرها الى جانب عمودها الفقري.»كنت في الصف لكي أقبض راتبي مثل بقية النساء،» قالت صبيحة فاضل « حدث الانفجار وقطع الناس الى أشلاء مثل ماكينة. كانت هناك شاحنة كبيرة وسمعت الشرطي يصرخ بالسائق ليتوقف، وأطلق أحد الشرطة النار باتجاه الشاحنة قبل ان تصطدم بنقطة التفتيش وتنفجر على بعد ثلاثين متراً منا فقط .»&nb
أرامل الأنبار ضحايا الهجمات الصامتة
نشر في: 11 يناير, 2010: 07:55 م