قال الذي أشرف على تغسيله وتكفينه وتجهيزه للدفن ،، وصوته راعف بالحقيقة المرة ::
— لفعوه بمترين من الخام ( ارخص انواع القماش ) . لا حرير ولا سندس .
وهيئوا له مقاما لائقا : مترين من الأرض .. وزيدوها — لو تفضلتم — شبرين !
………
يا لذاك الدرس البليغ شديد الدلالة .
آهذا هو كل ما يحوزه إبن آدم بعد الزفرة الحرى والشهيق الأخير؟ بعد تلك المسيرة الشاقة الطويلة وشراسة الصراع ؟
………
حافيا يغادر - إبن آدم - وعلى الرفوف عشرات الأحذية الغالية الثمن .
عاريا يمضي… وطي خزاناته وعلى مشاجبها عشرات الألبسة النفيسة والأربطة الفريدة من حرير وخز ووبر .
وحيدا يرتحل . دون حراس او أهل أو مريدين . او خصوم .
خالي الوفاض . فما من جيوب في بدلة الكفن . ما من محفظة في جيب ، ولا دفتر للصكوك في حقيبة ، وما من ساعة ثمينة تحيط بالرسغ ، وما من خاتم يجلب الرزق او يصد شر الحسد او يدفع الأذى في خنصر او بنصر .
خابي النظرة . مغمض العينين يغادر . كآن لم تفضح نظراته بما كان يخفيه لسانه من خبايا وأسرار …
يا للدرس البليغ .. كأنه ما سهر ، ما أرق ، ما خاف من مغبة عمل ، ما فرح بنوال . كأنه ما ملك ، ما إستملك ، ما إستحوذ ، كأنه لم يكن خزنة اسرار ما باح بها لأحد بعد ،
الدرس في حضرة الموت بليغ يا سادة،،
……….
أقرأ في موقع مرموق عن احد الساسة المسؤولين العراقيين، من الذين كانوا لا يملكون شروى نقير ، يسكنون غرفة مسأجرة في بيت خرب ، ليغدو بين سنة وضحاها مالك أطيان وقصور عديدة موزعة بين العراق ولندن ، و رصيد فخم ضخم ، ولا يكتفي ،، بل يسعى للمزيد !!! وما يدري إن ملك الموت واقف له بالمرصاد .يآتيه على حين غرة . دون ان يحتسب .
درس الموت وعيد ، لا ينبغي ان يمر به إبن آدم مرور الكرام او اللئام ، فهاتوا لنا بمن يتعظ .
كم يكفيك من هذي الأرض يا بني ؟!
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2015: 09:01 م