TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الجبن العالمي

الجبن العالمي

نشر في: 13 نوفمبر, 2015: 09:01 م

لا أظن أن الدواعش بحاجة الى قنبلة ذرية لأن ما يفعلونه من مجازر ومذابح على مدار العام والشهر والاسبوع واليوم والساعة والثانية أشد إجراما ووحشية من تلك التي سقطت على هيروشيما. وما كان لداعش ان يكون كذلك إلا لأنها تلعب في ساحة فتحها لها الجبن العالمي وعطب الضمير.
هذا العالم المحيـّر حين أستشعر أن إيران ستمتلك قنبلة ذرية لم ينم ليله حتى نجح في منعها من ذلك ولو الى حين. اما داعش فالكل يشهد انه ما بقيت دولة او مدينة او عاصمة إلا وهي عرضة في أية لحظة لعمل إجرامي من الطراز الثقيل. كل انسان أينما كان اليوم ليس في مأمن تام من التفجير او الذبح او الحرق باسم الدفاع عن شريعة الله. مع ذلك صار العالم كما النعجة فاغر الفم في انتظار ساعة الذبح والسلخ.
الدواعش لم يكتفوا باستهداف الأرض والآثار والانهار، بل تمددوا نحو السماء فصاروا يتباهون بإسقاط حتى من يطير فيها. صرت لا ألوم الذي يتساءل صباح مساء: مَن وراء داعش؟ الجواب الذي لديّ حتى الآن ان الذي وراءها هو جُبُن هذا العالم من أقصاه الى أقصاه. والجُبن أشد من البُخل قتلاً للضمائر.
خذوا ما حدث للطائرة الروسية التي أُسقطت فوق سيناء مصر. العالم يقول ان ذلك بفعل قنبلة داعشية. والدواعش، بحسب ما يقال انها معلومات استخباراتية دقيقة، يتباهون وتبادلون التهاني والقفشات احتفاءً واحتفالا بجرائمهم. ولأن العالم صار جباناً نجده بدلا من ان يزحف نحو "دولة الإسلام" برا وبحرا وجوا صار يشمت في مصر وكأنه ينتقم من القتيل وليس القاتل؟ أمع الجلاد صار عالم اليوم أم مع الضحية؟ أجزم لو ان الدواعش وغيرهم من القتلة يعرفون بان حديدة العالم حامية لما استأسدوا على الناس العزّل بهذه الطريقة العلنية من دون خوف أو وجل.
إن ظل العالم هكذا متفرجاً ولم يزحف صوب الدواعش بكل ما يمتلك من ثقل عسكري وبشري، فسيجدهم قد أتوه بأنفسهم. عندها سيصبح الجبان وعديم الضمير ذليلا. وليعلم هذا العالم المشلول أنه "ما غُزِيَ قوم في عقر دارهم إلا ذُلّوا". وما أتعس العيش في عالم ذليل!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. قيران المزوري

    هل تنبأ استاذ هاشم بأنه سيحدث أمرا يهز فرنسا و أوربا والعالم بعد ساعات قلائل من كتابتك لهذا المقال

  2. قيران المزوري

    هل تنبأ استاذ هاشم بأنه سيحدث أمرا يهز فرنسا و أوربا والعالم بعد ساعات قلائل من كتابتك لهذا المقال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram